السبب الأول: الانفتاح والإقبال الكبير والشديد من الأمة نحو الالتزام بالدين

إن الانفتاح والإقبال الكبير والشديد الذي تشهده الأمة الإسلامية في مجتمعاتها في شرق الأرض وغربها نحو الالتزام الإسلامي، والرغبة في خدمة هذا الدين، والحرص على العلم به والفقه فيه، والالتزام العملي بموجباته وأحكامه، فنحن نرى اليوم إقبالاً عجيباً، لا يوجد أحد ولا جهة ولا مجتمع ولا دولة يكون سبباً فيه، وإنما هي ظروف وعوامل متعددة ومختلفة ساقتها أقدار الله عز وجل وعنايته سبحانه وتعالى ورحمته، بعد أن كان هناك شرود وبعد عن دين الله عز وجل، فصارت -بحمد الله عز وجل- هناك صحوة وأوبة إلى هذا الدين العظيم.

وهذا الإقبال أصبح أكبر بكثير من الجهود التي تبذل في مجال الدعوة، فإن الصحوة قد سبقت الدعوة، فإذا بكثير من العقول تستنير وتطلب العلم والفقه والفهم، وإذا بكثير من القلوب تستضيء وتطلب النعمة والإيمان والهدى والاستقامة قبل أن تصلها جهود الدعوة بالكلمة المسموعة أو المقروءة، أو بالدعاة الذي يجوبون البلاد والديار، وهذا السبق لم يكن سبقاً عادياً أو محدوداً، بل كان سبقاً كبيراً ومنتشراً، فلذلك لابد من الحديث عن الاستيعاب لهذه الجموع الغفيرة المقبلة على الخير الراغبة في هذا الدين ونصرته وتأييده وحمل رسالته ونشر دعوته في كل مكان، ولا شك أن الناحية النظرية تقصر كثيراً عن الناحية العملية في مسألة الاستيعاب الذي سأذكر مرادنا منه والنقاط التي سأتعرض لها ضمن هذا الموضوع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015