من القواعد مسألة توجيه الجرح، وهذه مسألة نبه عليها ابن الوزير الصنعاني، وهي من القضايا المهمة قال: واعلم أن التعارض بين التعديل والتجريح إنما يكون عند الوقوع في حقيقة التعارض، أما إذا كان ليس هناك تعارض لو تمعنت فليس هناك إشكال، مثال ذلك: أن يجرح إنسان بفسق قد علم وقوعه منه، ولكن علمت توبته أيضاً، فحينئذ هذا الجرح لا قيمة له، لأنا علمنا أنه قد زال وقد رفع بتوبته وباستقامته على غيره، أو كان يقول بقول أو فتيا ثم رجع عنها، فلا تسارع بتلقف قوله دون أن تعرف ما استقر عليه حاله يوم أن تغير قوله؛ فلذلك ينبغي حين يتعارض الجرح والتعديل أن نعرف وجه الجرح ووجه التعديل، فربما يكون ذاك في أول الأمر وهذا في آخره، وذلك في قول، وذاك في قول آخر؛ فحينئذ ينحسم التعارض.
قاعدة أخرى: إذا كان هناك نوع مخالفة فينبغي التروي والتحرز من قبول الجرح، فلذلك قال العلماء: إذا علم بالقرائن المقالية أو الحالية أن الجارح طعن على أحد بسبب تعصب منه عليه، فلا يقبل منه ذلك الجرح، وإن علم أنه ذو تعصب على جمع من الأكابر -يعني: على كثير من العلماء والأئمة- ارتفع الأمان من جرحه، وعد من أصحاب القرح، يعني: لا يصبح من أصحاب الجرح، ولكنه من أصحاب القرح، وهذا مما ينبغي التنبه إليه عند مسائل النقد أو التقويم.