عندما نخص العلاقة بين هذه العناصر الثلاثة المجتمعة في عنواننا لابد أن يثور
Q ما صلة الشباب على وجه الخصوص بالحماسة؟ والجواب أن الشباب فيه قوة وفتوة، ونحن نرى ونعلم جميعاً أنه إذا ذكرت الحماسة جاء في الذهن الشباب، وأنه إذا ذكرت الكياسة جاء في الذهن الشيوخ، وهذا انطباع تغليبي، ولكنه ليس إقصائياً كما أشرت من قبل.
وأما لماذا يتحمس الشباب، وهل الحماسة في الشباب عيب أو شيء طارئ أو أمر غريب فنقول: إن الحماسة في الشباب أمر طبيعي، لعناصر كثيرة، منها أن الشباب فيه حيوية وقوة، والله سبحانه وتعالى قال: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الروم:54]، فالشباب قوة بين ضعفين، وانطلاقة بين هدوءين أو سكونين، وحركة واندفاع بين جانبين فيهما من الهدوء والسكينة ما فيهما، حتى من الناحية الطبية نعلم أن الفئة العمرية في فترة البلوغ ما تزال الخلايا والأعضاء تزيد فيها وتنمو وتعظم وتتكاثر، وهذا أمر بين، وإذا رجعنا إلى اللغة فإنها تسعفنا بهذه المعاني بشكل واضح؛ لأن الاشتقاق اللغوي للأصل (شب) يبين أن مادة الشين والباء في اللغة تدل على نماء الشيء وقوته في حرارة تعتريه، وهذا يدلنا على طبيعة الامتزاج بين الحيوية والحرارة والقوة وطبيعة الشباب، ومن ذلك قولهم: شبت النار.
أو: شبت الحرب.
ويقول ابن فارس: ثم اشتق الشباب منه، وهو النماء والزيادة في قوة جسمه وحرارته.
ولذلك نرى هذا الأمر واضحاً، ونرى أن من طبيعة الشباب الفطرية -بل والخلقية البدنية أو ما يسمى بالبيلوجية، أي: الطبيعية الفيزيائية- أنه بطبيعة خلقته في هذه الفترة العمرية فيه نمو وزيادة، وهذا مما يزيده قوة وحماسة، ومن هنا فالحماسة قرينة الشباب بدون أن يكون هناك افتعال لها أو تكلف فيها أو تقلب لأسبابها، بل هي قرينة الشباب من هذا الوجه.