ومضى رحمه الله تعالى على هذه المسيرة حتى تعرض بعد الاعتقال إلى محاولة الاغتيال التي لم تكن بينها وبين استشهاده إلا نحو ستة أشهر، ثم جاءت الخاتمة الحسنة بإذن الله عز وجل في يوم الإثنين، وبعد صلاة فجر وبعد فريضة ووسيلة وورد ذكر؛ ليكون على موعد مع ما أراده الله عز وجل وتمناه هو لنفسه في هذه الدنيا، إنها الشهادة التي تمثل قمة الشموخ والإيمان وعظمة المسلم المجاهد، إذ كيف لهذا الرجل الضعيف الواهي الواهن أن يضرب بثلاثة صواريخ من طائرة تعضدها طائرات مقاتلة لا تستخدم إلا في حروب الدول، ولا تستخدم إلا في القصف المدمر العنيف؛ لأنهم كانوا يدركون عظمة هذا الرجل، وعظمة حركة رأسه، وعظمة كلماته، وعظمة حركة كرسيه!! ولقد كان في تدبيرهم حتف لهم بإذن الله عز وجل إذ أعطوه ما تمناه، وإذ جعلوا من شهادته وقوداً محركاً للأمة بإذن الله، وجعلوه يختم هذه الحياة بما صدقت كل كلمة من كلماته، وكل موقف من مواقفه، وجعلوا شهادته الأخيرة هي قمة عطائه، وأعظم جهاده، وأسمى درجات تضحياته وفدائه في سبيل الله عز وجل، وفي سبيل نصرة دينه وأمته، وفي سبيل مواجهة أعدائه من أعداء الدين والأمة.