ومسألة ثالثةٌ مهمة، وهي أخطر وأبعد فيما يتصل بالإسلام وأهله، وهي: مسألة التحالف بين اليهود والأمريكان: ولا يخفى على أحد تأثير اليهود في هذه السياسات والتوجهات، ولا يخفى أمر قد يظنه البعض غريباً: وهو أن تُقدم الخبرات من اليهود في دولتهم الغاصبة لهذه القوة العظمى، وقد تجلت هذه الأخبار وخرجت في الأوقات الماضية، فخبرات اليهود عليهم لعائن الله في قتال إخواننا المسلمين في فلسطين يهدونها إلى صُنعائهم وحلفائهم وأربابهم من الأمريكان، ويقدمون لهم خططاً في تجربتهم في اقتحام المدن في فلسطين حتى يتبعوها هناك، ويقول أحدهم وهو من الخبراء العسكريين الذين يبينون ذلك ويؤكدونه: إن القيادات في الجيش الأمريكي لا تخجل من الاستفادة من التجارب الإسرائيلية، بل إنها تدرس هذه التجارب بشكل علني ولديها كراسات عن كل حرب إسرائيلية، وآخر الكراسات التي صدرت في واشنطن هي تلك التي تتعلق باحتلال جنين ونابلس! فالأمر متصل والشبكة واحدة، وإلا فأين العيون والآذان والقرارات والأنظمة من الإجرام اليهودي وأسلحة الدمار الشاملة المعروفة المعلنة، ومنع التفتيش ومنع التوقيع على تلك المعاهدات إلى آخر ما يعلمه أصغر صغير وأقل الناس علماً في هذا الوجود، وهذا كله يؤكد لنا الحقائق الأساسية في حقيقة العداء بين أعداء الإسلام عموماً وحلف الصهاينة مع النصارى اليمينيين المسيحيين على وجه الخصوص وبين الإسلام وأهله، والأمر في هذا ظاهر بين ولا يخفى على أحدٍ ونحن ندرك كل هذه الوقائع التي تجري ولكن مزيداً من الإيضاح حتى لا يظن ظانٌ أن المسألة مخصوصة أو عارضة، وهاهي الأقوال تنطق فإنها ليست حرباً عسكرية؛ ولكنها غزوٌ ثقافيٌ وتغيير قيميٌ وتبديل أخلاقيٌ، ونقضٌ أساسي لواقع المجتمع في مناهج تعليمه وفي أسس بنائه، بل وفي نظام حكمه، بل وفي موارد اقتصاده، وذلك هو الذي تشهد به الوقائع.
ودع عنك ما يقال من الأقوال التي يزعمونها تحريراً للشعوب أو نشراً للحرية أو حفاظاً على ثروات الأمم أو غير ذلك من الكذب الذي تكذبه الصواريخ المدمرة والقنابل المحرقة، والجرائم المتوالية التي أصبح العالم اليوم يتعامل معها كأنها أمر واقع، وخير القوم من يستطيع أن يقول على استحياء: إن هذا ظلم وعدوان ينبغي أن يقف.