دعوة إلى عقد العزم على الاجتهاد والتعرض للرحمات

يا ليلة القدر وهذه أيامها يا موسم المغفرة وهذه لياليه إننا نعقد العزم في هذه اللحظات ألا نضيع الأوقات، وألا ننشغل بالشهوات والملذات، وألا ننصرف إلى الأسواق والمشغلات، وألا نعمي قلوبنا بمشاهدة المسلسلات في الفضائيات.

اعزموا الآن على أن نجعل عشرنا خيراً مما مضى من شهرنا، وأن نجعل ما بقي من أيامنا ليس فيها حظ إلا لطاعة ربنا بقدر طاقتنا وجهدنا.

ولذلك ينبغي لنا أن نجتهد حتى نتعرض لرحمة الله، ونوافي فضل الله، ونشعر بأننا قد بذلنا من جهدنا وطاقتنا ما نتعرض به لرحمة الله عز وجل.

يا ليلة القدر للعابدين اشهدي يا أقدام القانتين اركعي واسجدي يا ألسنة السائلين جدي واجتهدي يا رجال جدوا رب داع لا يرد لا يقوم الليل إلا من له عز وجد ليلة القدر ليلة الأنس بالطاعة والقرب، والمؤمنون يقبلون عليها، والغافلون يفرون منها بالغفلة واللهو والبعد؛ فاختر لنفسك يا أخي ما تحبه في أخراك، واختر لنفسك ما تظن أنه لا يكون وقد بقي من عمرك وأجلك لحظات، فاعلم أنها هذه هي اللحظات، فإن كنت ستفعل شيئاً، أو تستغفر من ذنب، أو تجد في عمل؛ فدونك هذه الأيام وهذه الليالي، واعلم بأنها موسم كل خير.

إن أردت سؤالاً أو حاجة أو تفريج كربة أو شيئاً من كل حاجات أخراك ودنياك، فاعلم أن هذه هي الأيام والليالي التي يخلص فيها الدعاء الذي أمرنا الله عز وجل به: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]، أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186].

ادعوا ربكم تضرعاً وخفية دعاء ينبغي ألا ينقطع في هذه الأيام والليالي، وألا يتوقف في قنوت وسجود وخلوة واعتكاف حتى لا نكون من المفرطين في هذا الموسم العظيم، ولعلنا نتذكر أيضاً ونعتبر بأن هذا الموسم هو موسم المسارعة إلى الخيرات، وموسم عظيم في كل ما نحتاج إليه من الخير والذكر والاعتبار والادكار.

نسأل الله عز وجل أن يعيننا على الاجتهاد في هذه العشر ما لم نجتهد في سائر الشهر، ونسأل الله عز وجل أن ينيلنا برحمته ليلة القدر، وأن يكفر فيها عنا الوزر، ويضاعف الأجر، ويمنّ علينا بالعتق في ختام الشهر.

أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015