الأمر الثاني: الإصلاح والاستقامة: وهو أمر بدهي ونتيجة تلقائية للإيمان واليقين، ألم نقل: إنه يجعلنا نعي وندرك؟ ألم نقل: إنه يجعلنا نرجع ونلتجئ؟ ألم نقل: إنه يجعلنا نثق ونتقوى بالله؟ إذاً: أصلح حالك وحال أهلك، وحال مجتمعك، أصلح قلبك ونفسك، أصلح فكرك وعقلك، أصلح منطقك وقولك، أصلح حالك وعملك، يصلح الله عز وجل كل شيء من حولك، وقد جعلها الله عز وجل أسباباً منوطة بأخرى: {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ} [محمد:7] أين نصر دين الله في واقع حياتنا نحن الأفراد؟ لا تنظروا إلى الأمم، لا تنظروا إلى الحكومات، انظروا إلى ذوات أنفسكم، هل أقمتم الإسلام في نفوسكم؟ هل جعلتموه سمة ظاهرة في بيوتكم؟ من هي تلك المرأة المتبرجة؟ من هو ذلك الشاب الضائع؟ ما هي تلك المنكرات الظاهرة؟ ما هي تلك الكلمات الفاجرة؟ من أين تصدر في مجتمعاتنا وأممنا؟ إنها مني ومنك ومن هذا ومن ذاك، ونحن نعلم أن المعاصي حاجبة لرحمة الله، مانعة لتنزل نصر الله، ما يدريك أن تبرج تلك المرأة وأن تسكع الشباب من أسباب تأخر النصر، ومن أسباب تسلط الأعداء، قال تعالى: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:165] {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:41]، بما كسبت أيدي الناس؛ فكل كلمة نابية مخالفة لشرع الله، وكل منكر مرتكب مخالف لما حرم الله، كل واجب متروك منقطع فيه عن الاستجابة لأمر الله؛ هو من أسباب هذا التأخير للنصر، ومن أسباب هذا الوهن في الأمة، ومن أسباب تضييع النصر، وتأخر التمكين، وتسلط الأعداء.