ولعلي أشير بعد هذا الإجمال إلى شيء من التفصيل، أبدؤه بتفريط الأفراد من أمة الإسلام، ولو أردت أن أفيض لما انقضى حديثي هذا، لكنني أوجز في ومضات سريعة: أولها: التربية الضائعة: فأين نحن من الحفاظ على إيماننا، وسمت إسلامنا، ونضارة أخلاقنا في واقع بيوتنا، وفي سلوك أبنائنا، وفي مظاهر حياتنا، وفي صورة أسواقنا، وفي منظر شوارعنا، وفي كل لمحة وحركة وسكنة من حياتنا.
أبناؤنا سلمناهم للشوارع تختطف أخلاقهم، وتركناهم لرفقاء السوق يسرقون حياءهم، ويفقدونهم تقديرهم واحترامهم، وتركناهم حتى أفسدوا فيهم نقاء الفطرة، وسرقوا منهم سمت الالتزام، ونهبوا منهم معاني الحياء، واختلسوا منهم صور الوضاءة والنقاء، وبعد ذلك لا نشعر بأن أمراً قد وقع، أو أن ضرراً قد حل، أو أن ثروة قد سرقت، لكنه لو سرق منا عقد ذهب بعشرة آلاف لبلغنا الشرطة واستدعيناها لتبحث عمن سرق هذا المبلغ الزهيد، دون أن نبحث عمن سرق الإيمان والإسلام والأخلاق، ونحتاط لهذه الأموال فنودعها في البنوك، أو نجعل لها الخزائن، أو نحفظها في الأماكن السرية، دون أن نحرص على حفظ أخلاق ودين أبنائنا، بل وأنفسنا أنفسنا!