وأثني في هذا المقام بما بدأت به في شأن صيام عاشوراء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد حث عليه وأمر به وصامه عليه الصلاة والسلام، وأمر بأن يصام يوماً قبله أو يوماً بعده، وللعلماء في ذلك أقوال كثيرة، وقد ذكر أهل العلم أن صيام يوم عاشوراء على ثلاث مراتب: أولها وأعلاها: صيام يوم عاشوراء ويوماً قبله ويوماً بعده.
المرتبة الثانية: أن يصوم يوم عاشوراء، وأن يصوم يوماً قبله وهو اليوم التاسع.
المرتبة الأقل: أن يفرد صيام يوم عاشوراء وحده، ومن لم يكن له في ذلك عذر فإنه يكون قد ترك الأولى، ووقع في خلاف ما حث عليه النبي عليه الصلاة والسلام، وهو أن يخالف اليهود بأن يصوم يوماً قبله ويوماً بعده، ويوم غد هو تاسع أيام هذا الشهر (تاسوعاء)، فأذكر نفسي وإخواني بأن نصوم هذا اليوم والذي بعده، ومن استطاع فالذي بعده، وكذلك نحث أنفسنا ونحيي هذه المعاني التي ذكرناها مع هذه السنة في نفوسنا، فنحن نريد أن نطبق السنة، وأن ننتبه إلى المعنى العظيم الذي نبهنا إليه النبي عليه الصلاة والسلام عندما بين المخالفة، وعندما بين الفضيلة بقوله: (أنا أحق بموسى منهم)، فنحن أحق بالرسل والأنبياء؛ لأننا على نهج قويم، وعلى دين عظيم، وعلى اتباع لنبي كريم عليه الصلاة والسلام، فالله أسأل أن يوفقنا لما يحب ويرضى.
اللهم إنا نسألك التقى والهدى والعفاف والغنى، اللهم ردنا إلى دينك رداً جميلاً، اللهم خذ بنواصينا إلى طريق الحق والسداد، وألهمنا الرشد والصواب، اللهم ووفقنا لفعل الخيرات وترك المنكرات، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات، اللهم إنا نسألك أن توفقنا للصالحات، وأن تغفر لنا ما مضى وما هو آت برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا، اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم اجعل لنا من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ومن كل فتنة عصمة، ومن كل بلاء عافية يا أرحم الراحمين! اللهم املأ قلوبنا بالإيمان بك، وأنطق ألسنتنا بالدعوة إليك، وسخر جوارحنا في العمل لنصرة دينك يا رب العالمين! اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عبادك الصالحين، وأن تكتبنا في جندك المجاهدين، وأن تجعلنا من ورثة جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين، اللهم أذل الشرك والمشركين، ونكس رايات الكفرة والملحدين، اللهم عليك بسائر أعداء الدين فإنهم لا يعجزونك، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك، وعظيم سطوتك، اللهم زلزل الأرض تحت أقدامهم، وخذهم أخذ عزيز مقتدر، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.
اللهم رحمتك ولطفك بعبادك المسلمين المؤمنين، المضطهدين والمعذبين، والمشردين والمبعدين، والأسرى والمسجونين، اللهم رحمتك بهم، اللهم إنا نسألك أن تفرغ على قلوبهم الصبر واليقين، اللهم ثبت أقدامهم، واجعل ما قضيت عليهم زيادة لهم في الإيمان واليقين، ولا تجعله فتنة لهم في الدين، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، عراة فاكسهم، جائعون فأطعمهم، خائفون فأمنهم، مشردون فسكنهم، اللهم امسح عبرتهم، وسكن لوعتهم برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم وانصر عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين! اللهم ثبت خطوتهم، وسدد رميتهم، واجمع كلمتهم، وأعل رايتهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم يا أرحم الراحمين! اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين! اللهم وفق ولاتنا لهداك، واجعل عملهم في رضاك، اللهم واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاءً وسائر بلاد المسلمين، اللهم أنعم على بلاد المسلمين بالأمن والأمان والسكينة والسلام، اللهم ألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، واجمعهم على كلمة الحق يا رب العالمين! عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله؛ استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56]، وترضوا على الصحابة الكرام، وخصوا منهم بالذكر ذوي القدر العلي، والمقام الجلي، وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أرحم الراحمين! {وَأَقِمْ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:45].