بحسبنا أن نحسن كيف نتلقى الأخبار، كما يحسن بنا أن نحسن كيف ننقلها، وإلى من ننقلها، وكيف نعرضها؟ حتى لا يقع من وراء ذلك ما لا تحمد عقباه، والله سبحانه وتعالى قد قص علينا قصة عظيمة تتعلق بهذا الجانب، وبالجانب الذي هو مرتبط به وهو جانب معاملة المسلمين، وأنت وأنا وبعض منا قد يقع منه ظن السوء في هذا وذاك، وقد يستسلم للشك في إخوانه المسلمين من حوله، لكلمة سمعها أو لمقالة لم يتثبت منها.
والله عز وجل قد قص لنا في القرآن قصة عظيمة جعل فيها لأمة الإسلام درساً عظيماً ونافعاً، امتد في الزمان شهراً كاملاً، وكان يتعلق بأعظم إنسان كان في هذا الوجود وهو النبي صلى الله عليه وسلم، ويتعلق بعرض عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، وذلك عندما أثار أهل النفاق ما أثاروه، فجاء التوجيه لأهل الإيمان: {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} [النور:12].
أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه يدخل إلى بيته، فتلقاه أم أيوب وتقول: هل سمعت يا أبا أيوب ما يقال؟ قال: وما يقال؟ قالت: يقولون في عائشة كيت وكيت! فقال: يا أم أيوب! أوكنت فاعلة ذلك؟ أي: طبقي ذلك على نفسك، أترضينه لنفسك؟ قال لها: يا أم أيوب! أوكنت فاعلة ذلك؟ فانتفضت وقالت: معاذ الله! فقال: والله لـ عائشة خير منك ولرسول الله صلى الله عليه وسلم خير مني.
لم هذه الظنون المرجفة؟ لم هذه الأوهام السوداء التي تجعلك تنظر إلى هذا شزراً، وتحمل لهذا غلاً وبغضاً من غير ما شيء إلا كلام ساقط أو اتهام باطل؟! انظر إلى الآية القرآنية: {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ} [النور:12]، {وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور:16] بهتان أن تنال من عرض أخيك المسلم، بهتان أن تنطق بالفاحشة فتشيعها بين أهل الإيمان وفي مجتمع الإسلام، أين أنت من اليقين؟ أين أنت من (البينة أو حد في ظهرك)؟ سيما إذا تعلق الأمر باتهام في عرض، وأخطر من ذلك باتهام في اعتقاد فهذا يكفر وهذا يبدع وهذا يفسق وهذا يرجم بالغيب، نسأل الله عز وجل السلامة من هذا.