أما البخل فليس من شأن أهل الإيمان في شيء، وأما الإقتار والتردد والتخاذل فلا يليق بالمسلم سيما عندما يتعلق الأمر بالأمة والدين، يقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: (إن الولد مبخلة مجبنة) وهذا يبين لنا بعضاً من العوائق التي تشد إلى الأرض، وتشغل بالدنيا، وتحول دون البذل في سبيل الله.
إن الأبناء مبخلة، أي: عن الإنفاق والبذل في سبيل الله، (مجبنة) أي: عن الجهاد والاستشهاد في سبيل الله، قال عز وجل: {مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ} [التوبة:38]، يبين الله جل وعلا لنا هذه المعاني حتى ندرك أننا نحتاج إلى أن نفك القيود؛ لتكون نفسونا مهيأة للبذل في سبيل الله، فما بالنا نبذل من الأوقات أطولها وأفضلها لنحصل معاشنا، ثم نبخل أن نبذل من الأوقات شيئاً يسيراً نسعى فيه في الخير وننصر به أهل الإسلام، ونسعى فيه لمعاونة مسلم، أو لإغاثة ملهوف، أو لتعليم جاهل، أو لدعوة غافل؟! وما بالنا نبذل من أموالنا أكثرها وأشرفها في مآكلنا ومشاربنا وبيوتنا ودورنا ومظاهرنا الزائفة، ثم نبخل أن ننفق في سبيل الله سبحانه وتعالى.
وما بالنا نجهد ونرهق في أمور الدنيا، وربما في أمور اللهو والمتاع، ثم لا نريد أن نتعب ولو يسيراً، وأن نعرق ولو قليلاً، ونحن نسعى في طاعة الله ومرضاة الله؟ إن المسلم شأنه البذل، وينبغي أن يجتنب البخل ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
أسال الله جل وعلا أن يجعلنا من الباذلين في سبيله، ومن الناجين من البخل في كل باب من أبواب الخير، ونسأله جل وعلا أن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أقول هذا القول، وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.