بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، نحمده جل وعلا على آلائه ونعمه التي لا تُعد ولا تُحصى، حمداً كما يحب ربنا ويرضى، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيد الأولين والآخرين، المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
أما بعد: فموضوع حديثنا بعنوان (برقيات إلى المعلمين والمعلمات)، وفي بداية العام الدراسي خصوصاً يأتي هذا الموضوع مناسباً ومتوافقاً مع الاحتياج إليه والتذكير به.
وأحب أولاً أن أخاطب المعلمين بأننا منهم، ونمارس مهنتهم، وليس فالمعلم الأصل أنه يُعلِم ويتعلم، بمعنى أنه لا يستكبر عن التعليم، لكنه هو في مقام التعليم والتوجيه، ولذلك جعلت عنوان الموضوع بهذه العمومية، ليس فيه إرشادات ولا توجيهات، وإنما هو هذه البرقيات التي ربما تتضمن بعض الآراء والمشاركات.
الأمر الثاني: أن الاقتران في الموضوع بين المعلمين والمعلمات للأهمية في كلا الجانبين، وللمساواة من جهة أخرى، مع أن اللفظ التذكيري في الحديث إنما هو للتغليب كما يقول أهل اللغة، ومن وجه آخر لأن الحديث عن التعليم وعن المعلمين وعن الطلبة هو جانب، وجانبه الآخر يشبهه تماماً في جانب النساء من المعلمات ومن الطالبات.
ثالثاً: عندما بدأت أعد في هذا الموضوع وجدت أن هذا العنوان العام إن أراد الإنسان أن يتناول معظم جوانبه لا كلها فإنه يقتضي منه دهراً طويلاً ووقتاً طويلاً وموضوعات مختلفة، فهناك المعلم من حيث إعداده، ومن حيث مواصفاته وصفاته، ومن حيث موضوعات أخرى تتعلق بطرق التدريس، ومن حيث التربية، ومن حيث مشكلة الطلاب، ومن حيث القضايا الإدارية، ومن حيث أمور أخرى كثيرة ومتشعبة ومتعلقة بهذا الموضوع، وهو موضوع طويل يستحق التفصيل، لكن لن يكون هذا في هذا المقام وحده، وربما -إذا اتسعت الفرصة- تكون هناك موضوعات أخرى متعلقة بهذا الموضوع تفرد على حدة، حتى تُعطى بعض القضايا حقها من التحضير والإعداد، ومن حسن الجمع والكتابة.
وأما هذا الموضوع فهو برقيات، والبرقيات دائماً تكون مختصرة وموجزة وإن كثرت، لكنها لابد في الأساس أن تكون عبارة عن ومضات سريعة، وهذا يناسب الموضوع من جهة، ويناسب المعلمين؛ لأن المعلمين سريعون في الفهم، كما يقال عند العامة: المعلم في أي شيء هو الذي يفهم أي شيء ويفهم كل شيء بسرعة.
ولذلك نحن نأخذ المعلمين بالوصف الأكاديمي كما يقال، وبالوصف العام أيضاً، فالمعلم هو الذي يتقن ويحسن ويفهم، ويؤدي الأمر على التمام والكمال كما يقال.