فوائد وثمرات المسارعة إلى الخيرات

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.

أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي الخاطئة بتقوى الله، فإن تقوى الله أعظم زاد يقدم به العبد على مولاه، ولئن كان موسم اختبار في عام واحد ينتقل فيه الطالب من مرحلة إلى مرحلة، ويتكرر مرة بعد مرة، ونعنى به هذه العناية، ونهتم له هذا الاهتمام، ونعطيه ذلك الجهد، ونهيئ له تلك الأسباب، ونبادر إليه ونسارع، لنكون في مقدمة من يحصلون على أفضل النتائج بذلك تتعلق قلوب الآباء والأمهات، وبذلك يرتبط طموح الطلاب والطالبات؛ فعلينا جميعاً أن نخرج من هذه الاختبارات بدرس المسارعة إلى الخيرات، والمبادرة إلى الطاعات، واستباق فوات الأوقات، والمسارعة التي يكون بها في آخر الأمر -بإذنه جل وعلا- دخول الجنات، ورفعة الدرجات، وصحبة خير البريات صلى الله عليه وسلم.

ليس هذا اختباراً كاختباراتنا المتكررة المعتادة، وليست نتيجته ولا ثمرته ولا فائدته كهذه الفوائد التي تنقل من مرحلة إلى مرحلة، أو يأخذ الطالب فيها شهادة أو مكافأة، أو غير ذلك من الأمور العارضة اليسيرة، التي ليس فيها كثير غنائم ولا عظيم نفع.

وهناك كلمات لـ ابن الجوزي رحمه الله في هذا المعنى، نختم بها لعلها تذكرنا بهذا الشعار، يقول رحمه الله: البدار البدار يا أرباب الفهوم، فإن الدنيا معبر إلى دار إقامة، وسفر إلى المستقر، والقرب من السلطان ومجاورته، فتهيئوا للمجالسة، واستعدوا للمخاطبة، ولا يشغلنكم عن تضمير الخيل تكاسل، وليحملكم على الجد في ذلك تذكركم يوم السباق.

اهـ.

فليكن لنا درس وعظة من هذه الجهود التي نوفرها، والاهتمامات التي تشغلنا، وعلينا أن يكون أوكد همنا، وأعظم شغلنا، وغاية أمنياتنا، ومربط ما نحتاج إليه في حياتنا؛ هو سبقنا إلى مرضاة الله، ومبادرتنا إلى طاعة الله، وتهيؤنا لملاقاة الله.

أسأل الله سبحانه وتعالى أن يحسن ختامنا وعاقبتنا في الأمور كلها، وأن يجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.

اللهم تول أمرنا، وارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، اللهم أنزل علينا الرحمات، وأفض علينا الخيرات، وبارك لنا فيما رزقتنا، اللهم إنا نسألك العفو والعافية، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة، اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا، اللهم اجعلنا من المسارعين إلى الخيرات، المبادرين إلى الطاعات، المغتنمين للأوقات، برحمتك يا رب الأرض والسماوات، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من عبادك الصالحين، وأن تكتبنا في جندك المجاهدين، وأن تجعلنا من ورثة جنة النعيم.

اللهم إنا نسألك أن تجعل خير أعمالنا خواتيمها، وآخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله محمد رسول الله، اللهم إنا نسألك أن تجعل هذا البلد آمناً مطمئناً رخاء وسائر بلاد المسلمين.

اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا لهداك، واجعل عمله في رضاك، وارزقه بطانة صالحة تدله على الخير، وتحثه عليه يا سميع الدعاء.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وارفع بفضلك كلمة الحق والدين، ونكس رايات الكفرة والملحدين.

اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فاجعل دائرة السوء عليه، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء.

اللهم عليك بسائر أعداء الدين، فإنهم لا يعجزونك، أحصهم اللهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً، أرنا فيهم عجائب قدرتك، وعظيم سطوتك، زلزل الأرض تحت أقدامهم، واقذف الرعب في قلوبهم، وخذهم أخذ عزيز مقتدر، وأنزل اللهم بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، واشف اللهم صدور قوم مؤمنين، عاجلاً غير آجل يا قوي يا عزيز يا متين، يا من لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، يا من أمره بين الكاف والنون، يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألك أن تحفظ بلاد الحرمين من كل سوء ومكروه، اللهم احفظ عليها أمنها وإيمانها، وسلمها وإسلامها، ورغد عيشها، وسعة رزقها، واحفظ اللهم أوطان المسلمين أجمعين يا رب العالمين، وانصر اللهم عبادك وجندك المجاهدين في كل مكان يا رب العالمين.

عباد الله! صلوا وسلموا على رسول الله استجابة لأمر الله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب:56]، وترضوا على الصحابة الكرام، أخصّ منهم بالذكر: ذوي القدر العلي، والمقام الجلي: أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً، وعلى سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعلينا وعلى عباد الله الصالحين، وأقم الصلاة، إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015