خفض الصوت وعدم التشويش والفوضى

وهناك أمر آخر: وهو الآداب المرعية في داخل المسجد: فكم تسمع من حديث ليس فيه ذكر ولا طاعة، بل ربما كان حديثاً في أودية الدنيا، أو غيبة أو نميمة، وكم ترتفع الأصوات، وكم تعلو الضحكات، حتى إن بعض الناس ربما يختلف عليه الأمر ويلتبس هل هو في مسجد أو في مكان آخر، ولا أريد أن أقول: في مقهى! استمعوا إلى هذا الحديث الذي عند البخاري في صحيحه يرويه السائب بن يزيد قال: (كنت في المسجد، فحصبني رجل -يعني: رماني بحصاة صغيرة من ورائي- فالتفت فإذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال لي: اذهب فائتني بهذين الرجلين -رجلان كانا يتحدثان بصوت عالٍ- قال: فأتيته بهما، فقال: من أنتما أو من أين أنتما؟ فقالا: من الطائف.

فقال: لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما -أي: ضرباً- ترفعان أصواتكما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم!) وفي رواية: (في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم).

وقال الإمام مالك رحمه الله بكراهة رفع الصوت في المسجد مطلقاً.

وقال ابن عابدين في حاشيته على مذهب أبي حنيفة: يسوغ رفع الصوت إلا أن يشوش على المصلين، ولو بذكر أو قراءة.

وبعض الناس يقرأ القرآن كأنما يريد أن يسمعه خلق الله كلهم ويشوش على الآخرين.

وبعضهم يتحدث بالأحاديث كأنما هو في بيته أو غير ذلك، ونرى من هذا صوراً كثيرة مزعجة تشوش على العبادة والطاعة، وقد تنفر بعض الناس من حضور المساجد وشهودها، وهذا مما ينبغي لفت النظر إليه والانتباه له، وهو أمر ظاهر وبين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015