صوم يوم عرفة لغير الحاج مؤكد تأكيداً عظيماً، ولم يرد في فضل صيام يوم منفرد مثلما ورد في صيام يوم عرفة، فضلاً عن كونه مندرجاً في العشر نفسها، وأما الصيام للحاج فقد ورد حديث أم الفضل بنت الحارث: (أن ناساً تماروا عندها يوم عرفة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم -وانظر إلى ذكاء نساء المؤمنين- فأرسلت إليه أم الفضل بقدح لبن وهو واقف على بعيره في يوم عرفة، فشرب منه عليه الصلاة والسلام)، فهذا كما يقولون: "قطعت جهيزة قول كل خطيب فلم يصمه النبي عليه الصلاة والسلام عندما حج، وقد وردت رواية ضعيفة عن أبي هريرة: (أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن صوم يوم عرفة)، وقد اختلف أهل العلم في حكم صيام يوم عرفة في عرفة: روي عن عائشة أنها كانت تصومه وهي حاجة، وروي عن عثمان بن أبي العاص وابن الزبير أنهما كانا يصومانه، والصحيح الذي ذكره كثير من أهل العلم كـ الشافعي ومالك: أنه لا يستحب للحاج صيامه؛ وذلك ليتقوى الحاج على الطاعة والعبادة، ولكن من صامه فإنه لا شيء عليه، والنهي على فرض ثبوته إنما هو نهي كراهة لا نهي تحريم، أي: أن النهي إنما هو من أجل التقوي على الطاعة والعبادة، فإن استطاع أن يقوى على الطاعة والعبادة مع الصيام فلا شيء عليه في هذا.