الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد: أحب للإخوة طلبة العلم أن يقرءوا ما كتب عن المتعة، سواء كان قديماً، أو كان للمتأخرين؛ لأن بعض كتّاب الشيعة يدافعون عنها دفاعاً شديداً.
وقد ناقشت فيها بعض علمائهم أو رجالاتهم، فقلت: أتفعلها يا فلان؟! قال: لا.
قلت: أتبيح لابنتك أن تفعلها؟ قال: لا.
قلت: إذاً: لماذا تبيحها للغير؟ قال: ليس بلازم، كوني لا أرضاها لا يعني أني أحرمها، إنما هي مباحة للضرورة.
وفي ذات مرة في نفس هذا المكان، وفي أثناء الحديث عن الشيعة، في أول دراسة الموطأ في باب غسل الميت، سأل سائل عن ميت من الشيعة في وسط السنيين، أيغسلونه، أم يتركونه؟.
إلى كلام طويل.
وقلت: إن من حق لا إله إلا الله كذا وكذا.
فلما خرجت فإذا رجل عند منعطفٍ جوار البيت، فقال: السلام عليكم، التفت فإذا هو شيعي، أجبته، ثم قلت: نعم، ماذا تريد؟ قال: أتحدث معك قليلاً.
قلت: لا، حديثكم عمره ما يكون قليلاً، أنتم تكثرون الحديث وتتخذون التقية، وأنا الآن متعب، إن كنت تريد الحديث بشكل مطوّل فموعدنا غداً الضحى، وهذا باب البيت.
فقال: كلمة واحدة فقط.
قلت: فلتكن كلمتين! قال: سمعت منك الليلة أمراً عجيباً، كنا نقول: أهل الحجاز أحد لساناً وسناناً على الشيعة، وسمعت منك الآن تقول: من حق لا إله إلا الله أننا نغسّل ميتهم، هذه ما سمعناها أبداً.
قلت: لا، فهذا موجود، وذكرت له أننا نعتقد ذلك، وليس كما يقول الشيعة فإنهم يقولون كما في كتب الفقه عندهم-: إذا وجدت جثة مخالف فلا تواره إلا تقية.
فقال: أين هذا؟ قلت: لما تأتي غداً إن شاء الله أكلمك أين هو.
لما جاء وأخبرته، وسألته: ماذا تعمل؟ قال: مدرس الإسلاميات في جامعة النجف.
قلت: أنت -إذاًَ- على مستوى من الفقه.
قال: نعم.
فتكلمت معه عن بعض الأمور، وقلت: اطلعت من كتبكم على كذا وكذا، ما ترونها عندكم؟ قال: من أصولنا المعتمدة.
قلت له: عندي رسالة إلى الآن ما طبعت في المتعة، ولاحظت أن الرجل أقرب إلى الصدق، ولا يتخذ التقية.
قلت: كتبت الرسالة ترد عليكم في نكاح المتعة، أريد أن أعرضها عليك، حتى لو كان لك اعتراض أستطيع أن أتداركه وأناقشه معك.
فوافق، فأتيته بالرسالة، قلت: الرسالة طويلة، ويهمني ما أوردته عليكم من كتاب الشريعة للحلي، وسألته: ما تقول في الحلي؟ قال: إمامنا، إمام عظيم.
قلت: يقول في كتاب الزواج: يتزوج عدد ما شاء، وفي كتاب الطلاق: لا يحلها لزوجها الأول إذا كان زوجها الأول قد بت طلاقها، وأنتم ملزمون في هذا: إما أن تقولوا: إنها زوجة، فلا يزيد عن الأربع، وإما أن تقول ليست بزوجة، وهذا الذي نلزمكم به، وكذلك في الطلاق، إما أن تقول: إنها نكحت زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً، فيلزمكم أن تبيحوا بهذا النكاح إن طلقها أن تحل لزوجها الأول المحرمة عليه.
إذاً هذا ليس بنكاح، وعليه: فهي لم تنكح زوجاً غيره، وهذا جاء عن ابن عباس فيما اطلعت عليه أخيراً، سئل: أزوجة هي؟ قال: لا، أمملوكة يمين؟ قال: لا، قيل: إذاً: ماذا تكون؟ قال: متعة.
فقلت له: إن الحلي يقول كذا وكذا؟ قال: ما أعتقد -أي: ما أظن أنه قال ذلك-!! قلت: على كل حال تعتقد أو لا تعتقد هذا موجود، وأتيته بالكتاب وقلت: اقرأ، وقرأ.
قال: أمهلني إلى الغد.
قلت: لك إلى بعد الغد، وفعلاً كان رجلاً -كما قلت- منصفاً، ثم لقيته من الغد، فقال: اعذرني لم أجد الجواب، ولكن أمهلني إلى الغد.
والتقينا في المسجد، فقال: ما قلته عن الحلي صحيح، ولكنه رأيه الخاص.
قلت: هذه هي الحيدة.
أنت قلت: إنه إمام، والإمام لا يقول رأياً خاصاً.
على كلٍ -يا إخوان- المسألة هذه أخذت حيزاً كبيراً كما أشرت.
وينبغي لطالب العلم أن يوسع مداركه فيها؛ لأن الجدال في خارج هذه البلاد -نسأل الله أن يحفظها- طويل وحاد وشاق بين أهل السنة والجماعة وبين غيرهم.
والله تعالى أعلم.