لقد ساهم في هذه المعركة حتى إبليس، وكانت مساهمة إبليس من الطرف الآخر، لما أرادت قريش أن تخرج تذكروا أنه كان بينهم وبين بني كنانة ثأر، فخافوا إن هم خرجوا أن يخلفوهم في ديارهم، فجاء إبليس وتصور في صورة سراقة بن مالك، وقال لهم: لا تخافوا منهم، أنا جار لكم لن يأتيكم منهم شر، وخرج معهم ويقول ابن كثير: خرج إبليس برايته، وبجند معه بالرايات ومشوا حتى قاربوا أرض بدر، وكان مع عمرو بن مالك النضري، فلما رأى نزول الملائكة إذا به يسُلّ يده منه، ويقول: إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله رب العالمين، فجعل عمرو بن مالك يناديه: يا سراقة! يا سراقة! ألم تعاهدنا أنك تكون معنا؟! ألم تعاهدنا على النصرة؟! فلم يجبه ومر في طريقه حتى نزل البحر، فلما سمع بذلك أبو جهل قال: لا يضرنكم انسحاب سراقة، لقد كان على موعد مع محمد.
هكذا ساهم في إخراجهم، وتكثير عددهم ليكون ذلك أنكى على قريش وأكثر لغنائم المسلمين، وها هي الملائكة تنزل، وها هي السماء تمطر، وها هي الأرض تتلبد، وها هو النعاس يأتي عوامل نصر متعددة من جميع الجوانب