وصور الظهار أن يقول الرجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي؛ هذا هو الأصل.
وفرعوا على ذلك مسائل: منها لو ذكر عضواً غير الظهر، كالفخذ والبطن ونحوها، والراجح أن كل عضو في الأم يحرم عليه من أجنبية، فإن شبه زوجته بهذا العضو فهو ظهار، فلو قال: أنت علي ككتف أمي كذراع أمي كفخذ أمي أي: في المحرمية؛ فهو ظهار.
ومعلوم أن الكتاب والسنة ذكرا الأم، فإذا شبه زوجته بغير أمه كالأخت أو البنت أو الخالة أو العمة، فهل يكون ظهاراً أو لا؟ القول الأول: قول ابن حزم فقد قصر الظهار على ظهر الأم، وما سوى ذلك فليس بظهار.
القول الثاني: أن من شبه زوجته بمن تحرم عليه تحريماً مؤبداً أو مؤقتاً فهو ظهار.
ومن هنا تأتي قضية تقدمت لنا في تحريم المرأة قبل أن يتزوجها، كقول القائل: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، هنا في الظهار: هل يصح الظهار من امرأة لم يتزوجها إن تزوجها؟ أو هل يصح تعليق الظهار على زواجه بامرأةٍ معينة أو بامرأة مطلقة؟ كما تقدم لنا في الطلاق، كأن يقول: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، أو إن تزوجت فلانة أو امرأة من القبيلة الفلانية أو البلد الفلاني أو الأسرة الفلانية؛ فهي طالق.
فرق بين التعميم والتخصيص، ويقولون: التفريق استحسان، والحنابلة الذين يقولون بالتفريق في الطلاق، يقولون: لا يصح الظهار معلقاً على امرأة إن تزوجها؛ لأن الله قال: {يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة:3]، ومن كانت غير زوجة فليست من نسائهم.
ومن هنا أيضاً: ذهب العلماء إلى عدم صحة الظهار من الأمة.
ومباحث الظهار عند الفقهاء متعددة، يذكر ابن رشد وغيره في بداية المجتهد مسألة: هل للمرأة أن تظاهر من زوجها؟ اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة مذاهب، فمنهم من يقول: لها أن تظاهر، وإذا مكنته من نفسها فعليها كفارة ظهار، وهو خلاف ما عليه أصحاب المذاهب الأربعة الذين لا يقولون بصحة ظهار المرأة من زوجها، لأنها أصلاً لا تملك حق منع نفسها عنه، وبعضهم يوجب عليها كفارة يمين قبل أن تمكنه من نفسها.
ثم الظهار يكون مؤقتاً بوقت أو مطلقاً، فإن كان مؤقتاً بأقل من أربعة أشهر -كالذي ظاهر من امرأته شهر رمضان- فتنتظر الزوجة حتى تنتهي المدة، وإن كان الظهار مؤقتاً بأكثر من أربعة أشهر؛ فإن مضت مدة أربعة أشهر ولم يكفر، فالمرأة لها أن تصبر أو أن ترفع أمرها للحاكم، وكذا إن كان الظهار مطلقاً.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.