الحمد لله الذي فتح أبواب الهدى بمن جعله مسك الختام، وجعل أمته خير الأمم، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره من ذوي الإجرام، نحمده على ما أسبغ من جزيل الإنعام، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام، ونشهد أن سيدنا ونبينا وإمامنا وقدوتنا محمداً عبده ورسوله البدر التمام، الذي بعثه الله رحمة للعباد، وفارقاً بين الحلال والحرام، وداعياً إلى القيام بأركان الإسلام، نصح الأمة, وكشف الله به الغمة, وجاهد في الله حق الجهاد، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله حق تقاته.
عباد الله: لقد قضى صلى الله عليه وسلم حياته المباركة في كفاح وجهاد متواصل، وأرسى الدين الإسلامي في نفوس البشرية إلى أن اختار الله له في الرفيق الأعلى، فوافاه أجله في هذا الشهر الذي ولد فيه، بعد أن قضى ثلاثاً وستين سنة، أولها في تعبد وتقليب لوجهات العرب، وبعد الوحي في تبليغ رسالة ربه حتى أكمل الله به الدين، ما ترك خيراً إلا دل أمته عليه، ولا شراً إلا حذرها إياه، ترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
عباد الله: يا أتباع محمد بن عبد الله! يا من يحبونه أعظم من حبهم لأنفسهم وأهليهم! إن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وإجلاله إنما يكون في اتباعه والاقتداء بسنته, والتخلق بأخلاقه، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه.