القسم الأول هم السابقون: السابقون في هذه الدنيا إلى طاعة الله هم السابقون يوم القيامة إلى الكرامة والجنات، وهم المقربون إلى فاطر الأرض والسماوات، يُنعمون في دار لا يفنى نعيمها ولا يبلى جديدها، ولا يتكدر صفوها، نعيمها دائم، وسرورها قائم، تخدمهم الولدان، يسقون الشراب بالأكواب والأباريق والكئوس، شراب لا فيه غول ولا تصديع، ولا لغو ولا تأثيم، بل يجدون شراباً طهوراً.
أما طعامهم ففاكهة مما يتخيرون, ولحم طير مما يشتهون، وأما نساؤهم فحور ذو بياض حسن صاف، عين: حسنات العيون، منظر وخلقة كأمثال اللؤلؤ المكنون, في غاية الصفاء، ومع ذلك هم في مجتمع كامل قد نزع الله ما في صدورهم من الغل إخواناً على سرر متقابلين، لا يسمعون في ذلك المكان الطاهر لغواً من القول، ولا كلاماً لا فائدة فيه ولا تأثيماً، بل كلامهم ذكر الله وتسبيحه، ويتحدثون بما أنعم الله عليهم به فهم يقولون ما قال الله عنهم في محكم البيان: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر:34 - 35] هؤلاء هم السابقون إلى طاعة الله ورسوله، يقومون بالواجبات والمستحبات ويتركون المحرمات والمكروهات، وكان نعيمهم أكمل النعيم، وأحوالهم أكمل الأحوال.