أيها المؤمنون بالله وبكتاب الله! إن من أعظم المواعظ ما جاء في هذه السورة، تلك السورة العظيمة التي تحدث عن أحوال الناس يوم القيامة، وعن حالتهم عند مفارقتهم الدنيا.
ابتدأ الله هذه السورة بجملة شرطية عن وقوع الساعة، حذف جوابها ليذهب الذهن في تقديره كل مذهب، فيسلك في تفخيمه كل طريق، يقول الله تعالى: {إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ * لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} [الواقعة:1 - 2].
والواقعة: هي يوم القيامة، وإذا وقعت رأيتم الأحوال العظيمة والمتباينة، عند ذلك ترج الأرض رجاً عظيماً, وتبس الجبال بساً، أي: بعد أن كانت متماسكة صلبة تتفتت دقيقاً فتكون هباءً منبثاً كما قال تعالى: {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل:88] وكما قال تعالى: {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ * وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ * وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً} [المعارج:8 - 10].