العلم

فإن كان الكبر ناشئاً عن العلم كان صاحبه مثالاً سيئاً، وقدوة رديئة، خصوصاً إذا دفعه الكبر إلى صفة ذميمة كالحسد والحقد، أو أفضى به إلى ارتكاب مظلمة من مظالم ارتكبها بيده أو لسانه، فإن ضرر هذا لا يقدر؛ لأن الناس يقتدون بالعلماء في أقوالهم وأفعالهم، فيستسهلون عند ذلك ارتكاب الجرائم وإشباع الصفات الذميمة، كمن يرى بعض العلماء يصلي في بيته، فإنهم يقتدون به ويقولون: الشيخ فلان يصلي في بيته، أو كما يرون بعض العلماء يحلق لحيته ويقولون: ذاك العالم الفلاني يحلق لحيته، أو يقولون: إن العالم الفلاني يستمع الأغاني، أو يقولون: إن العالم الفلاني يستعمل الربا، فإنه صار في هذا شر قدوة وأسوأها، فإن هذا إذا صدر من العلماء فإن فيه شراً عظيماً، وأيضاً لا ينتفع بعلمهم؛ لأنهم يكونون بعد ذلك ضعفاء الإرادة، ومن كان هذا شأنه فإن علمه وبالٌ عليه، وسوف يسأل عن علمه ماذا عمل به.

أما العلم النافع: فهو الذي يربي الأنفس ويطهرها من الصفات الرديئة، ويعرف العبد بربه وبنفسه وخطر أمرها، وهذا يورث الخشية والتواضع، فيكون صاحبه مثالاً حسناً في الناس، وقدوةً صالحة في الأقوال والأفعال، هذا إذا كان الكبر في العلماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015