خرج لوط عليه السلام ومن معه آخر الليل فنجا مما أصاب قومه، ولم يؤمن بلوط من قومه أحد، ولا رجل واحد، ولا امرأته، بل أصابها ما أصابهم، وخرج لوط عليه السلام وبنات له من بين أظهرهم سالماً لم يمسسه سوء، قال الله تعالى عن قوم لوط: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا} [الحجر:73 - 74].
تذكر الله يا عبد الله! تصور ذلك العذاب! تصور تلك القرى وجبريل عليه السلام يرفعها بجناحه ثم يقلبها عليهم: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر:74 - 77].
نعم يخبر الله جل وعلا أنهم أخذتهم الصيحة، وهي ما جاءهم به من الصوت القاصف عند شروق الشمس، وهو طلوعها وذلك مع رفع بلادهم إلى عنان السماء ثم قلبها وجعل عاليها سافلها، وإرسال حجارة السجيل عليهم، أمر الله جبريل -وهو ملك من ملائكة الرحمن له ستمائة جناح- أمر الله جبريل عليه السلام فاقتلع ديارهم بجناح واحد من أصولها, ورفعها إلى السماء الدنيا، حتى سمع الملائكة نباح الكلاب وصياح الديكة، فقلبها عليهم ثم اتبعهم الله بحجارة من سجيل منضود، فتلكم قرية سدوم الذي أصابها ما أصابها من القلب الصوري والمعنوي، والقذف بالحجارة حتى صارت بحيرة منتة خبيثة، في طريق مهيع مسلكه مستمر إلى اليوم، وهو المعروف بـ البحر الميت، الذي لا يعيش فيه شيء.