المساجد خرجت الرجال

المساجد هي التي خرجت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أصحاب رسول الله الذين فتحوا الفتوحات، ومصّروا الأمصار، وجاهدوا في الله حق جهاده، فتحوا القلوب والبلاد، لم يفتحوها بالماجستير ولا بالدكتوراه، ولكن فتحوها بتعلم العلم النافع، على يد المربي الكامل محمد صلى الله عليه وسلم.

ولكن لما تُرِكَت هذه السنة، وهُجِرَت المساجد، وصار البعض يعتبرها لأداء الفريضة فقط، حتى إن بعض أئمة المساجد، وبعض المؤذنين يقف على رأي المصلين، إن كان في حر شديد يطفئ عليهم المراوح والمكيفات، ليخرجهم من بيوت الله، يظن جهلاً منه أنها لم تُبْنَ إلا للصلاة.

ولما اندرست هذه السنة ماذا أعقبنا يا عباد الله؟ لما كان السلف الصالح يقضون أوقاتهم في مدارسة العلم في بيوت الله، صاروا في عزة وسعادة ورخاء وطمأنينة بال، أما نحن لما تركنا المساجد واستبدلناها بآلات اللهو، صرنا والعياذ بالله في انحدار وانحطاط، فالأولاد ليلهم ونهارهم مع الكرة في شوارع المسلمين وكأنهم لا مسئولية عليهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وكان البعض من الصحابة في الخامسة عشر يحمل لواء الجهاد، يجاهد في سبيل الله مشتاقاً إلى جنة عرضها السماوات والأرض، وشبابنا الآن يشتاق إلى الكرة، وإلى تشجيع فلان وفلان، ونسي الله ورسوله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ويذكر لي بعض الإخوة الثقات: أن بعض المشاهدين للتلفاز لما قال المذيع: لنقف هذه الفترة لنقل أذان العشاء من الكعبة، قال: لعنة الله على الكعبة، وعلى الأذان.

الله أكبر يا عباد الله!

هذه دسيسة صهيون وأعوانه!

هذه التي يريدها منا الصهاينة؛ لتنحل عقائدنا وأخلاقنا، ونرمي ديننا وراءنا ظِهرياً.

ما أبشعها من كلمة! يقولها بكل وقاحة: لعنة الله على الكعبة، وعلى الأذان.

الله أكبر يا عباد الله! الله أكبر يا أمة الإسلام! إلى أي حد أصابنا هذا الجهل؟! والله لم يقلها أبو جهل، ولم يقلها أبو لهب، ما قال يوماً من الأيام لعنة الله على مكة ولا على الأذان، الله أكبر يا عباد الله!

كل ذلك بسبب الدسائس الخبيثة التي أدخلوها على الأبناء وهم صغار، يقال في الأثر: "ما بكم إذا لبستكم فتنة يهرم عليها الكبير ويربو عليها الصغير".

إي والله إنها فتنة كبيرة.

يقول لي بعض المتحدثين: إن شاباً دخل على أمه، فلما رأى عليها ثوباً يخالف النادي الذي هو يشجعه عَمِد إلى ثوبها فمزقه بيديه، الله أكبر! إلى هذا الأمر وصلت أحوال المسلمين، فلا حول ولا قوة إلا بالله، إنا لله وإنا إليه راجعون.

أتدرون من أي شيء ذلك؟

لما ترك المسلمون المساجد وهجروا المساجد، ولم يعرف البعض المساجد إلا لأداء الصلاة، ألم يعرفوا أن المساجد هي التي تخرِّج الرجال؛ خرَّجتهم أبطالاً، خرَّجتهم شجعاناً، خرَّجتهم قادة، خرَّجتهم دعاة، خرَّجتهم أئمة، خرَّجتهم قضاة إلى غير ذلك من مصالح المساجد التي تعطلت ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أيها المسلمون: الرجوع إلى دين الله، الرجوع إلى العقيدة، الرجوع إلى الأخلاق، ما دمتم في زمن الإمهال قبل أن تتحولوا من دينكم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه -ماذا يعملان به؟ - يُهَوِّدانه، أو يُنَصِّرانه، أو يُمَجِّسانه} حتى يعْرب عنه لسانُه.

فالحذر يا عباد الله! الحذر يا أمة الإسلام! فقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن {آخر الزمان تكون فتن كقطع الليل المظلم، يمسي المؤمن كافراً ويصبح مؤمناً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً} أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

فالنجاة النجاة ووالله لا تحصل النجاة إلا بالرجوع إلى الله، والتمسك بكتاب الله، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015