نعم.
نحاسب أنفسنا أيها الإخوة في الله، لأن بعض الناس إذا نهيته عن شيءٍ قد ارتكبه يعارض ويقول: التقوى هاهنا، يضرب صدره الله المستعان! ويقول: التقوى هاهنا، وبعض الناس تقول له: يا أخي! صدرت فتوى من هيئة كبار العلماء يقولون: إن حلق اللحية حرام، مستدلين يقوله صلى الله عليه وسلم: {أكرموا اللحى، وفروا اللحى، أرخوا اللحى، أعفوا اللحى، لا تتشبهوا باليهود والنصارى} هكذا يقول صلى الله عليه وسلم: {ليس منا من تشبه بغيرنا} وقال: {من تشبه بقوم فهو منهم} ثم يقول: لقد سمعنا المعلم الفلاني، يقول: أنها سنة، إذا تركتها تثاب عليها وإذا حلقتها لم تعاقب، نقول له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقول: قال المعلم الفلاني مع الأسف الشديد والله عز وجل يقول: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر:7] انتهوا مباشرة، يقول: فإذا نهاكم الرسول عن شيء فانتهوا وابتعدوا.
نعم تجد بعض الناس تقول له يا أخي! الإسبال حرام وكبيرة من كبائر الذنوب، اسمع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: {ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، قال أبو ذر: من هم؟ خابوا وخسروا يا رسول الله! من هم، يكررها ثلاث مرات، وذكر منهم صلى الله عليه وسلم: المسبل} وفي رواية: {لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء} ثم يأتي بعض الناس، ويقول: لم أجره خيلاء، ولا إسبال، إنما أريد زينة، ونقول له: الزينة للنساء هن اللواتي أُمرن أن يرخينه شبراً، ولكن عكس الأمر فبعض الناس ترك المرأة تذهب إلى الخياط، ويفصل عليه الثوب القصير، أو يشق الثوب من الناحيتين أو يشقه إلى الفخذين مع الأسف الشديد، وصار بعض الرجال يسحب ثوبه، وإذا قيل له، قال: ما أجره زينة ولا خيلاء، نقول له: اسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم: {ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار} هل لك طاقة يا عبد الله على النار؟! ما هذه النار؟ أتظن أنها هذه النار التي تراها في الدنيا؟ لا.
اسمع وصفها، قال تعالى: {نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:6].
فيا أيها المسلم: انتهِ عن الإسبال واتق الله واتبع هدي الرسول صلى الله عليه وسلم.
بعض الناس تقول له: يا أخي! اتقِ الله لماذا تقضي هذا الوقت في غير طاعة الله؛ لأن بعض الناس قد فتنوا بلعب الورقة وهي البلوت والكنكان، ومع الأسف الشديد والله المستعان، يقول: والله أنا أحب أن أصلي الفجر، ولكن لا أستطيع أن أقوم، نقول له: ماذا تعمل يا عبد الله، ما هو منهجك في هذه الحياة؟ يقول: إذا انتهيت من العشاء -لا ندري هل يصلي أو لا يصلي- أذهب إلى الشلة وأجلس معهم فيلعبون البلوت والكنكان إلى وقت النزول الإلهي ولا نقوم حتى تسقط الورقة من أيدينا، فإذا انتهينا من هذه الورقة، وإذا نحن جيف والعياذ بالله، يقول: نحب أن نصلي الفجر ولكن لا نستطيع، ماذا تعمل؟ قال هذا عملنا؟ نسهر طول الليل مع البلوت والكنكان، نسأل الله العفو والعافية، ولقد صدرت فتوى -وبعض الناس لا يحب هذا الكلام أنا أعلم أنه لا يحبه، لكن أنا سوف أجيبه بالذي سمعناه ويلزم علينا أن نقول له هذه؛ لأننا مسئولون عنها يوم القيامة؛ لأن بعض الناس لم يسمع هذا، وأنا أخبر أن بعض الناس لم يسمع- فقد صدرت فتوى من هيئة كبار العلماء: أنه يحرم اللعب بالورق، وإن كان على غير عوض، لماذا؟ لأنها تصد عن ذكر الله، وهي تقضية للوقت في غير ذكر الله عز وجل، وأنت يا أخي مسئول عن هذا الوقت.
وبعض الناس يقول: أنا والله قتلني الفراغ، يحسب إنه مخلوق لهذه الدنيا يأكل ويشرب وينام، ولا يدري أنه سوف يموت وينتقل إلى هذا القبر، والقبر صندوق العمل، إما روضة من رياض الجنة، وإما حفرة من حفر النار، ثم إذا كان يوم القيامة تعرض عليه هذه الصحف التي أمضاها في الحياة الدنيا، هذه الخزائن تفتح له يوم القيامة، فإن وجد فيها خيراً، فعند ذلك يحمد الله وإن وجد عليها غير ذلك فترى الكآبة والحزن والهم والغم والعياذ بالله، فما بالك لو عرضت عليك هذه الصحائف يوم قضيته مع البلوت والكنكان ويوم مع الأفلام ويوم مع التمثيلية، ويوم مع الأحاديث الفارغة، لا تجد في هذه الصحائف كلمة تستفيد منها ولا حول ولا قوة إلا بالله، ويقولون: قتلنا الفراغ، أتدري أيها الإنسان لماذا خلقت؟
اسمع لماذا خلقت، اسمع لماذا خلقك الله عز وجل، قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] الله أكبر، لا ليلعبون فلذلك يقول الله: {فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ * يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} [المعارج:42 - 44].
ياله من يوم عظيم إذا فتحت فيه تلك الخزائن يا عبد الله، أتظن أنه مغفول عنك؟ لا والله ما غفل عنك يا عبد الله، تذكر الذي عن اليمين، والذي عن الشمال، هذا يكتب الحسنات، وهذا يكتب السيئات، تذكر ذلك يا عبد الله، إذا تذكرت أن عليك ملائكة يكتبون، هذا يكتب الحسنات وهذا يكتب السيئات؛ فعند ذلك لعلك ترتدع عن قضاء الوقت فيما يغضب الله عز وجل، فابتعد عما يغضب الله وبادر إلى طاعة الله عز وجل، وأدِّ ما أمرك الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، فلقد ذكرت لك الحديث القدسي الذي قال الله فيه: {ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه} أتدري ما هو هدي الرسول صلى الله عليه وسلم؟ نعم.
أنا أخبرك بذلك وإن كنت أكرر ذلك في كل جلسة، {هدي الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها}.
الله أكبر، الرسول صلى الله عليه وسلم يكره الحديث وينام مبكراً ليستيقظ مبكراً؛ ليحظى بالوعد الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: {ينزل ربنا جل وعلا كل ليلة إذا بقي ثلث الليل الأخير إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائبٍ فأتوب عليه؟ هل من سائلٍ فأعطيه؟}.
فأين أنت يا عبد الله! في الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم، يسأل الله من خيري الدنيا والآخرة إلا أعطاه.
الله أكبر!
كيف نضيع هذا يا عباد الله؟!
كيف نضيع هذا يا أمة الإسلام؟
أين العقول؟
أسأل الله عز وجل أن يوفقنا لطاعته، وأن يهدينا إلى صراطه المستقيم، إنه على كل شيء قدير.
وأقول للذي يترك الزوجة والبنت والأخت مع السائق، وإذا قيل له من بعض الناس: إنا نرى من السائق بعض المخالفات مع أهلك إذا رضي بذلك، فأقول له: احذر أن تكون ديوثاً؛ لأن الديوث حرام عليه الجنة، والديوث: هو الذي يرضى في أهله الخبث -نسأل الله العفو والعافية- وتجد بعض الناس يقال له: لقد رأينا الزوجة مع السائق، قال: بس أم فلانة عارفها أنا، أم فلانة خبز يدي، أنا أعرفها، كيف تقولون كذا وكذا، طيب البنت الأخت قال: كل شي لا تكلمني أنا أعرف الأولاد وأعرف أهلي، فهذا -نسأل الله العفو والعافية- إذا رضي بهذا فهو ديوث، والديوث حرامٌ عليه الجنة، فنسأل الله أن يوفقنا لنغار على محارمنا، ونسأل الله أن يوقظنا من رقدة الغفلة وأن يهدينا إلى ما يحبه ويرضاه.
وكذلك أقول لكم: لا تنسوا الأولاد عن أمرهم بالصلاة، وقد قلت لكم في بداية الكلام أن من أسباب انحراف بعض المجتمعات ترك الآباء أولادهم ترك الحبل على الغارب، فلا يأمرهم بالصلاة ولا يأمرهم بالمعروف ولا ينهاهم عن المنكر والعياذ بالله، فهذه أمانة ائتمنك الله عليها، واسمع ماذا قال الله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَوَات وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:72] وبعض الآباء إذا قام الفجر يغطي الولد، يقول: باسم الله عليك وفتح له المكيف يحسب إنه يرحمه -وهذا المسكين لا يعرف أنه غشه، وسوف يمسك على ناصيته يوم القيامة بين يدي الله ويقول: يا رب ظلمني أبي- باسم الله عليك، ثم يمضي من الوقت نصف ساعة إلا ويقول: قم يا وليدي المستقبل أمامك، قم المستقبل أمامك، مستقبل الدنيا.
والآخرة لا.
الآخرة باسم الله عليك يغطيه في البطانية ويفتح له المكيف، خليه يتلذذ في نومه، سبحان الله العظيم! إنا لله وإنا إليه راجعون، لا حول ولا قوة إلا بالله!!
فنقول: احرصوا على الأولاد جزاكم الله خيراً، ونسأل الله أن يوفقنا لما يحب ويرضى إنه على كل شيء قدير وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وأعتذر عن الإجابة عن الأسئلة؛ لأني لست من أهل الفتوى، والحمد لله العلماء كثير، فينبغي لكم أن تعرضوا عليهم أسئلتكم، أما نحن فاسمحوا لنا جزاكم الله خيراً.
فأقول سبب بعض الانحرافات هو الغفلة والابتعاد عن كتاب الله عز وجل وهذا لا شك فيه، ولقد قرأت قوله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً} [طه:124] ولا شك أن الإعراض عن كتاب الله سبحانه وتعالى من أسباب انحراف المجتمعات، فعلينا أن نرجع إلى كتاب الله وأن نهتم بقراءة القرآن والحمد لله الآن مدارس تحفيظ القرآن انتشرت، نسأل الله أن يوفقنا وإياكم بالعلم النافع، إنه على كل شيء قدير.
فالقرآن أيها الإخوة في الله! لو يعلم الأب ما له من الكرامة والأجر لحرص على ابنه، ويوم القيامة يلبسان تاجين، ويقولان: من أين لنا هذين؟ فيقال: بسبب تعليمكما لابنكما القرآن، أو كما ورد في الحديث، والمهم أن معنى الحديث أنه بسبب تعليم ابنك القرآن في الدنيا أن الله يلبسك تاجاً يوم القيامة فهل أحد لا يريد هذا التاج؟
نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لما يحبه ويرضاه، ويجنبنا ما يبغضه ويأباه، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.