رعاية الأهل من الأمانة

عباد الله: أولادكم أمانةٌ في أعناقكم، وأنتم مسئولون عنهم أمام الله، على تركهم هملاً لا ترعونهم الرعاية الكاملة، ولا تحوطونهم بالنصيحة، بل تركتم لهم الحبل على الغارب، لأن الدنيا شغلتنا حتى عن تربية أولادنا، تركنا لهم الحبل على الغارب وسلمناهم الشوارع وصاروا مثل الأغنام السائبة, لا يعرف أكثرهم المساجد، فمن شبّ على شيء في الغالب شاب عليه، وبعضهم لو سألته: كم أركان الإسلام؟ لتلعثم وكأنه لم يعرف الإسلام، أما إذا سألته عن اللاعبين والمغنين والمغنيات لأجابك عن شيء لم تعرفه أنت؛ لأننا سلمناهم الشوارع، وقلنا: ربيهم يا كرة كما ربيتي لينين وما أدراك من الشيوعيين والنصارى؟! ربيهم يا كرة، ونشئهم يا تلفاز على تمثيلياتك وأغانيك، حتى يكونوا رجال مستقبل يحاربون الفضيلة والكرامة.

ولم يقتصر البعض على هذا الاعتداء على الأمانة حتى جاء بالفيديو إلى بيته وأهله، وقال لهم بلسان الحال: هلموا لننحرف عن الطريق المستقيم ونتبع كل شيطان مريد, أخبر الله في كتابه العزيز: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف:36 - 37] كلام الله واضح لا يحتاج إلى تفاسير, ثقافة, تربية, هذه الثقافة ثقافة الغربيين يأخذها أولادنا ونساؤنا كل ليلة عن التلفاز وما يبث فيه من التمثيليات، وما أدراك؟!

والبعض من الناس هدموا بيوتهم بأيديهم وأيدي الكافرين يقول القائل: بأي شيء؟ أقول: باستخدام المربيات الكافرات والخدم من النصارى, وغيرهم من مختلف الأديان التي تحارب الإسلام وأهله.

ثم إن البعض سلم الأهل والبنات والأخوات للسائقين، وقال: جوبوا بهن الشوارع بدون محرم، واذهبوا بهن إلى المعارض والأسواق، فيا لها من أمور تغضب الله عز وجل! ونقول: تسلطت علينا اليهود، اليهود قتلت المسلمين, سلبت المسلمين, أين المسلمون؟! إن أكثر المسلمين اليوم يتشبهون باليهود, كيف والبعض منا يقول: إخواننا المسيحيين، ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل، فيا لها من أمورٍ تغضب الله عز وجل! ويا له من زمانٍ ماتت فيه الفضيلة وانتشرت فيه الرذيلة! ويا له من زمانٍ حارب أهله الأخلاق والشيمة والمروءة، وأهانوا الكرامة! وذلك بتضييع الأمانة.

ونقف أمام نقطة ولا نيئس -يا عباد الله- ولا نقنط من رحمة الله إذا تبنا وغيرنا أحوالنا وتحولنا إلى ما يرضي الله عز وجل، وقمنا بما اؤتمنا عليه لعلنا ندخل تحت الحديث، أو لعلنا ندخل في الحديث الشريف الذي أخبر به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: {لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة, لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله} أو كما قال عليه الصلاة والسلام، ويقول صلى الله عليه وسلم: {بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء! قيل: من الغرباء؟ قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس} وفي رواية: {يصلحون ما أفسد الناس}.

اللهم اجعلنا هداةً مهتدين، واجعلنا من الصالحين المصلحين، اللهم أصلحنا وأصلح لنا وأصلح بنا يا رب العالمين.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015