الحمد لله يهدي من يشاء, ويضل من يشاء, ومن يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أفضل الخلق على الإطلاق، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله عز وجل وراقبوه في السِّر والعلانية, وابتعدوا عن جميع ما يغضب الرب جل وعلا, ابتعدوا عن مجالسة الأشرار, ابتعدوا عن مجالس السوء، وتأملوا ما جاءت به الشريعة من إحلال الحلال وتحريم الحرام؛ فإن الشريعة أحلت ما فيه مصالح للعباد, وحرمت ما فيه مضار للعباد.
وللدخان مضار كثيرة فمن مضاره ما ذكرته سابقاً, وكذلك للدخان مضار اجتماعية وهي: انتشار الفساد في المجتمع, وكثير من الذين يشربون الدخان الآن لا يبالون بانتشاره بين الناس, بل يشربونه أمام الناس وأمام أولادهم الصغار, وهذا لا شك يهون شربه عند الصغار ويؤدي إلى نتيجة حتمية وهي: أن الصغار إذا اعتادوه في الصغر فتك بهم فتكاً عظيماً, ثم لا يستطيعون الخلاص منه عند الكبر إلا بعد المشاقة الكبيرة.
وأما مضاره الدينية: فإن المحققين من أهل العلم الذين عرفوا مصادر الشريعة ومواردها وسلموا من الهوى قد تبين لهم تحريم الدخان من عمومات النصوص الشرعية, وقواعد الدين المرئية, وإذا كان حرام فثمنه حرام, ومعامله عاصياً لله ولرسوله, وبائعه عاصٍ الله ولرسوله, ضار لأمته ومجتمعه وأولاد المسلمين.
وبائع الدخان سوف يلقى جزاءه أمام رب العالمين إذا سأله تلك المسائلة فليعد الجواب وليقل: إن الزبائن يبتعدوا إذا لم يجدوا عندي دخان, ليعد هذا الجواب البائخ, ليعد هذا الجواب الفاشل أمام رب العالمين.
وسيقول له الله أنه أخبرنا في كتابه: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:58].
أمة الإسلام! الدخان ضرر في الدين؛ فإن الإيمان ينقص في المعصية ويزيد في الطاعة, وقد ألَّف كثير من علماء المسلمين في تحريمه عدة نسخ, جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيراً.
ونصيحتي -أيها المسلمون- لمن مَنَّ الله عليه بالعصمة من هذا الدخان, أن يحمد الله على هذه النعمة, ويسأله الثبات عليها، ويدعو لإخوانه بالعصمة من هذه الدخان الخبيث.
أما نصيحتي بمن ابتلوا به بأن يتأملوا بدقة وإمعان في مضار الدخان ونتائجه, ليقتنعوا بضرورة الاقتناع منه، ويهون عليهم تركه واجتنابه, وأن يلحوا على ربهم بالدعاء أن يعصمهم منه ويستعينوه على ذلك, ويستعملوا الأسباب التي تعينهم على تركه, وذلك بقوة العزم وعدم الجلوس في كل محل يشرب فيه الدخان, والتسلي بما أباح الله لهم من الطيبات من المطاعم والمشارب, ولينظروا في حال من عافاه الله كيف عادت لهم صحتهم وقوتهم وزالت عنهم الأضرار الناتجة عن شرب الدخان والحمد لله رب العالمين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة:172].
عباد الله: صلوا على رسول الله امتثالاً لأمر الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلَّى علي صلاة، صلَّى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد, وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي , وعن سائر أصحاب رسولك أجمعين, وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم اجعلنا ممن يحلون الحلال ويحرمون الحرام ويجتنبونه، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم دمّر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين من اليهود والنصارى المبشرين والشيوعيين, اللهم دمرهم تدميراً, اللهم اشدد عليهم وطأتك، وارفع عنهم يدك, ومزقهم كل ممزق، اللهم اجعلهم غنيمة للمسلمين, اللهم أعزنا بالإسلام وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا, واجعلنا وإياهم هداة مهتدين.
اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن, وعن جميع بلدان المسلمين عامة يا رب العالمين {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23].
عباد الله! {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل:90 - 91] واذكروا الله العليم الجليل يذكركم, واشكروه على وافر نعمه يزدكم, ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.