إذا عرفنا فائدة التقوى، وما تؤول إليه من خير كثير، وعرفنا أننا لا محالة مسافرون عن هذه الدار.
نعم يا -عباد الله- نحن مسافرون عن هذه الدار، ومقلعون عنها، ويوشك أن يؤذن لنا بالرحيل غداً أو بعده أو قبله عن هذه الدار، كلنا مسافرون، والكل منا يحتاج إلى تأمين راحته، فسفر الآخرة يحتاج إلى زاد واحد، وهو التقوى وأنعم به زاداً، نعم -يا عباد الله- أنعم به من زاد يكفل السعادة الأبدية، والطمأنينة الكاملة، والعيش الرغيد في جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.
لذا يا عباد الله: يعرف الإنسان أنه لا غنى له عن التقوى، التي بهها يتخلص من مآزق كثيرة في الدنيا والآخرة، ولاسيما عند الورود على النار، التي لا ينجو منها إلا المتقون، كذلك بالتقوى يكون الله معك، وينصرك، وتفوق عند الله وعند أوليائه أهل الحسب والنسب، مهما عُرفت أنسابهم، وشرفت مراكزهم، وإن كنت مولى الموالي، يقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات:13] ويقول عليه الصلاة والسلام: {لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى}.
ويقول بعض السلف رحمه الله: [[ما خرج عبد من ذل المعصية إلى عز التقوى، إلا أغناه الله بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآناسه بلا أنيس]] فاتقوا الله عباد الله، فالتقوى جمال، والتقوى شفاء من الداء العضال، احرصوا أن تكون نفوسكم تقية، فلن يسعد عند الله إلا الأتقياء، وكل من عداهم فهو شقي، اتقوا الله فالتقوى خلف من كل شيء، ولا خلف في التقوى، اتقوا الله فهي أول عدة تعتدونها لأعدائكم وتفوقونهم بها، اتقوا الله في نفوسكم، وفي أهليكم، وفي أموالكم، وفي معاملاتكم، وفي أولادكم، وفي من تحت أيديكم، وفيما ائتمنتم عليه من مصالح المسلمين، وفي أرحامكم، وفي كل مجال من مجالاتكم العامة والخاصة، لتفوزوا برضى الله ورضوانه، بما فيه السعادة في الجنة.
اللهم اجعل التقوى خير زاد لنا يا رب العالمين، اللهم اجعل التقوى خير زاد لنا، اللهم اجعل التقوى خير زاد لنا يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، بارك الله ولي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأقول قولي هذا وأستغفروا الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.