الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين, والعاقبة للمتقين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله عز وجل.
عباد الله: تعرفوا إلى الله في الرخاء يعرفكم في الشدة, تعرفوا إلى الله عز وجل بالقيام بطاعته, رغبة في ثوابه, وابتعاداً عن عقابه, خوفاً من النار, فإن أليم النار شديد.
أيها المسلمون! أيها المؤمنون بالله حقاً! اعلموا أن رخاء العيش، وطيب الحال من النعم التي تستوجب الشكر على العباد، والقيام بطاعة المنعم الجواد جل وعلا.
أيها المؤمنون بالله: اعلموا أن الإنسان في حال الرخاء يستطيع أن يعمل ما لا يمكنه القيام به في حال الشدة, ويستطيع أن يعمل في سن الشباب ما لا يمكنه القيام به في حال الكبر والهرم, ويستطيع أن يعمل في زمن الأمن والطمأنينة ما لا يمكنه القيام به في حال الخوف, ويستطيع أن يعمل وهو صحيح، ما لا يمكنه القيام به وهو مريض, وإذا امتحن الإنسان هذه الحياة، وفكر فيها جيداً، عرف حقاً أن العافية في البدن والأمن والترف لا يدوم, فقد يعقبها شدة ومرضاً.
نعم يا أهل الأخوة في الله: نعم يا أهل العقول! يا أولي الألباب! إذا امتحن الإنسان هذه الحياة الدنيا وفكر فيها جيداً، عرف حقاًً أن العافية في البدن والأمن والترف لكنها لا تدوم, فقد يعقبها شدة ومرضاً, وخوفاً وجوعاً, لكن المؤمن بالله حقاً، الذي قوى صلته بربه جل وعلا، وقام بحق الله تبارك وتعالى وتعرف للحي القيوم في حال الرخاء، فإن الله تبارك وتعالى يعرفه في حال الشدة, في حال الضيق, فيلطف به ويعينه على الشدائد وييسر أموره, قال جل وعلا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:2 - 3] * وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:4] هكذا وعد الله سبحانه وتعالى للمتقين, والله لا يخلف المعياد, فاتقوا الله عباد الله.