فإنه من المؤسف جداً انهزام تلك الصفوف! إنه من المحزن جداً أن البيوت ملأى بأناس لا يُرون في المساجد إلا في رمضان! ثم بعد رمضان يعودون إلى طاعة الشيطان بعد طاعة الله، وربما يكون في عبادتهم شرك إذا كانوا لا يعبدون الله إلا في رمضان، فإنهم في ذلك الفعل الوخيم قد عصوا الله ورسوله، فقولوا لهم -يا من تعرفونهم! يا من كنتم تأكلون معهم مائدة الإفطار! - قولوا لهم: تارك الصلاة كافر، إذا ترك فرضاً واحداً متعمداً فهو كافر، فكيف بمن يترك الفرض أحد عشر شهراً والعياذ بالله؟! وبعضهم لا يصلي إلا يوم الجمعة، وباقي السنة لا يعرف فيها بيوت الله، فهؤلاء إذا أصروا وعاندوا وجحدوا باقي الأوقات فهم كفار والعياذ بالله، وتارك الصلاة كافر مرتد، نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
تارك الصلاة كافر ملعون مطرود عن رحمة الله، لا يُصلى على جنازته إذا مات، ولا ينبغي أن يُغش به المسلمون، فمن كان عنده إنسان مات وهو لا يصلي، فلا يغش به إخوانه المسلمين؛ لأنه كافر، والكافر لا يُصلى عليه، ولا يُغسل، ولا يُدفن في مقابر المسلمين، ولا يُدعى له بالرحمة، بل يُوارى بعيداً عن البلد، تارك الصلاة لا يُؤاكَل، ولا يُشارَب، بل يُهجَر ولا يُجالَس.
وأما الذين يتركون الصلاة بالكلية، فهم كما ذكرنا كفار والعياذ بالله.
أما من يصلي في البيت فقد ارتكب كبيرة من كبائر الذنوب، وقد [[سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن رجل يقوم الليل، ويصوم النهار، ولا يشهد الجمعة ولا الجماعة، فقال: هو في النار]] ثم أتاه السائل بعد شهر، فسأله، فقال: رجل يقوم الليل، ويصوم النهار، ولا يشهد الجمعة ولا الجماعة، فقال: [[هو في النار]].
فانظر كيف حكم ترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما على هذا الذي لا يشهد الجمعة والجماعات في النار، نعم يا عبد الله.
ولقد همَّ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم -وهو نبي الرحمة- بإحراق بيوت أناس لا يشهدون الصلاة مع الجماعة، همَّ أن يحرقها عليهم بالنار، ولولا ما فيها من النساء والذرية لأحرقها عليهم بالنار.
فلنتق الله -يا عباد الله- ولنتواصَ بالحق، ولنصبر على ذلك، ولنواصل أعمال الخير التي كنا نعملها في رمضان، حتى يتوفانا الله إليه وهو راضٍ عنا.
قال الحسن البصري رحمه الله: "إن الله لم يجعل لعمل المؤمن أجلاً دون الموت، ثم قرأ قول الحق تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر:99] "
وقيل لبعض العارفين: إن قوماً يتعبدون ويتهجدون في رمضان، ثم إذا خرج رمضان تركوا ذلك، فقال: بئس القوم! لا يعرفون لله حقاً إلا في رمضان.