الحمد لله يهدي من يشاء, ويضل من يشاء, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, خلق فقدر, فكلٌ ميسر لما خلق له, فأهل السعادة يسَّرهم الله لأعمال أهل السعادة, وأهل الشقاوة -كذلك- ميسرون لأعمال أهل الشقاوة, اللهم اجعلنا من السعداء ولا تجعلنا من الأشقياء, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي نصح لأمته, وتركهم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك؛ اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا أيها الناس! اتقوا الله عز وجل, وراقبوه في السر والعلانية, كما هي وصية الله للأولين وللآخرين, ورسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي -أيضاً- بعض الصحابة ويقول: {اتق الله حيثما كنت}.
أيها الإخوة في الله: من تقوى الله عز وجل إحاطة القلب ونصحه وإدخال كل شيء يرضي الله إليه, وإبعاد كل شيء يغضب الله سبحانه وتعالى عنه, وهذه القطعة الصغيرة التي لا يراها أحد إلا الله سبحانه وتعالى أوصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: {ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله, وإذا فسدت فسد الجسد كله, ألا وهي: القلب} اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران:8].
أيها الإخوة في الله: إن القلب هو المسيطر وهو الملك على الأعضاء كلها, لذلك أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا التوجيه ليحث الأمة الإسلامية على حفظ هذا الوعاء المهم, ألا وهو القلب, كذلك حث على حماية هذا القلب, وعلى وقايته من الأخطار.
عباد الله: القلب مصدر سعادة الإنسان أو شقاوته, ومن القلب تنبعث حياة الإنسان الروحية أو ينبعث موته المعنوي.
يا أمة الإسلام: القلب يحتاج إلى عناية, وإلى صيانة, ويحتاج إلى عطف منك أيها الإنسان حتى يقوم بواجبه, والقلب يحتاج منك أن تتقرب إلى الله عز وجل, فإذا صلح قلبك صلحت الجوارح كلها.