أما عونها على المصالح الدينية: فإن العبد إذا داوم على الصلاة وحافظ عليها قويت رغبته في فعل الخيرات، وسهلت عليه الطاعات، وبذل الإحسان بطمأنينة نفس، واحتساب للأجر والثواب.
وبالمحافظة على الصلوات الخمس تذهب أو تضعف دواعي المعاصي، وهذا أمر محسوس مشاهد؛ فإنك لا تجد محافظاً على الصلاة بفروضها ونوافلها إلا وجدت تأثير ذلك في بقية أعماله، ولهذا كانت الصلاة عوناً على الفَلاح، يقول جلَّ وعلا: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة:18].
وهل المراد عمارتها بالزخارف، أو تصميمها كما تصمم الكنائس، أو بذل الأموال والبذخ فيها؟ لا.
إنما المراد عمارتها بالصلاة والقربات، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان} ولو كان يصلي على الأرض، ولو كان يصلي على التراب، اشهدوا له بالإيمان، فإن الله يقول: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [التوبة:18].
أما نحن! فقد عمرنا مساجدنا، وباهينا بعمارتها، وزخرفناها، وقد بلغت من التكاليف كذا وكذا، ولكن كم يرودها من المصلين؟ كم يأتي إليها من المصلين؟! وإنا لنخشى أن يقع علينا الخبر في آخر الزمان: {مساجدهم عامرة وهي من الهدى خراب} ولا حول ولا قوة إلا بالله.