أمر الشارع بالاعتبار عند النظر إلى قرى الظالمين

الحمد لله حمداً كثيرا طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك المصطفى وعلى آله وأصحابه ومن بآثارهم اقتفى وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فيا عباد الله! اتقوا الله تعالى وأطيعوه واحذروا أسباب المعاصي والمخالفات، واعلموا أن الله تعالى مطلع عليكم لا يخفى عليه شيء من أعمالكم ظاهرةً وباطنة.

فاحذروا -يا عباد الله- أن يراكم الله على ما يسخطه، وبادروا إلى طاعة المولى جلَّ وعلا، واشكروا نعمه التي حباكم بها، وقوموا بواجب هذه النعم التي أنتم تتقلبون بها ليلا ًونهاراً، فقد سمعتم ما حل بالأمم الذين من قبلكم من النقمة والعذاب المتصل الموصل بهم إلى جنهم وبئس المصير لما كفروا النعمة.

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب في طريقه إلى تبوك لما نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود فاستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود فعجنوا منها ونصبوا لها القدور، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم فأهرقوا القدور، وعلفوا العجين للإبل، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منه الناقة ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عذبوا إلا وهم يبكون، وقال: {إني أخشى أن يصيبكم مثلما ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم} رواه الإمام أحمد، وفي رواية عن الإمام أحمد أيضاً رحمه الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم}.

عباد الله! أمة الإسلام: من كان بالله أعرف كان منه أخوف، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أصحابه أن يدخلوا ديار الظالمين إلا أن يكونوا باكين، فكيف بالذين يذهبون إلى ديار ثمود الآن؟! هل هم يبكون إذا دخلوا عليهم؟ أم هم في غاية الفرح والسرور والمزاح؟! والعياذ بالله! ويدلكم على ذلك أنهم يقيمون فيها فيأكلون ويشربون ويأخذون الصور التذكارية، ويصور بعضهم بعضا، فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا؟! دخلوا ولم يبكوا، وصوروا الصور ذوات الأرواح، فما أكثر المعاصي إلى الله نشكو يا عباد الله!

ثم اعلموا وفقني الله وإياكم أن أصدق الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وعليكم بالجماعة فإن يد الله مع الجماعة ومن شذَّ شذَّ في النار، وصلوا على خير خلق الله محمد بن عبد الله كما أمركم الله، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً} اللهم صلِّ على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، واجعل هذا البلد وبلدان المسلمين آمنة مطمئنة رخاءً سخاءً في ظل تحكيم الكتاب والسنة يا رب العالمين، اللهم أصلح أولادنا ونساءنا واجعلنا وإياهم هداة مهتدين، اللهم ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء نتوسل إليك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا، نسألك بأنا نشهد بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أن تغيثنا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم اسقنا غيثاً مغيثا هنيئاً مريئا سحاً غدقاً نافعاً غير ضار عاجلاً غير آجل، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا بلاء ولا غرق، اللهم احيي بلدك الميت، اللهم انشر رحمتك على العباد يا من له الدنيا والآخرة وإليه المعاد، لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش الكريم، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب والأرض رب العرش الكريم، اللهم نفس كرب المكروبين من المسلمين، واقضِ الدين عن المدينين من المسلمين، واشفِ بلطفك مرضانا ومرضى المسلمين أجمعين، اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله: نسأل الله أن يرفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا واللواط وسوء المنكرات وسوء الفتن، والمضلات ما ظهر منها وما بطن عنا وعن جميع المسلمين عامةً يا رب العالمين.

عباد الله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً} [النحل:90 - 91] واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015