إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى وأطيعوه.
عباد الله: لعلكم تذكرون ما مر بكم من قصص الأنبياء مع أممهم، وما حل بمن عصى منهم من العقوبة والعذاب والدمار، فإليكم أيضا قصة نبي الله صالح عليه السلام، حيث أرسله الله عز وجل إلى ثمود، وهم قبيلة مشهورة وكانوا عرباً يسكنون الحجر الذي بين الحجاز وتبوك، وكانوا بعد قوم عاد، وكانوا يعبدون الأصنام مثل قوم عاد، فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو عبد الله ورسوله صالح عليه السلام.
فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن يخلعوا الأصنام والأنداد ولا يشركوا به شيئاً، فآمنت به طائفة منهم وكفر جمهورهم وآذوا صالحاً عليه السلام ونالوا منه بالمقال والفعال.
فاسمعوا إلى ربنا جل وعلا يخبرنا في محكم البيان، يخبرنا في القرآن العظيم ويقول: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ * وَتَنْحِتُونَ مِنْ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ} [الشعراء:141 - 152].
نعم يا أمة الإسلام! هذا نبي الله صالح عليه السلام يعظُ قومه ويذكرهم بنعم الله جلَّ وعلا، يذكرهم بما هم فيه من الأرزاق الدارة، حيث أنبت لهم الجنات والبساتين، وفجر لهم من العيون الجاريات، وأخرج لهم الزروع والثمرات، ثم أقدرهم على نحت البيوت في الجبال، الله أكبر يا عباد الله!
وقال لهم هذا الناصح الأمين: قابلوا المنعم بالشكر على هذه النعم، اتقوه وأطيعوه، فردوا عليه وقالوا: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء:153] يقولون: أنت في قولك هذا مسحور لا عقل لك، نسأل الله العفو والعافية!