الحمد لله رب العالمين, الذي يعز من أطاعه، ويذل من عصاه، لا مانع لما وهب، ولا معطي لما سلب، طاعته للعاملين أفضل مكتسب، وتقواه للمتقين أعلى الرتب، هيأ قلوب أوليائه للإيمان وكتب، وسهل لهم في جانب طاعته كل نصب، فلم يجدوا في سبيل خدمته أدنى تعب، وقدر الشقاء للأشقياء حين زاغوا فوقعوا في العطب، أعرضوا عنه وكفروا به فأصلاهم ناراً ذات لهب، أحمده على ما منحنا من فضله ووهب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي اصطفاه الله وانتخب، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله عز وجل وجاهدوا في الله حق جهاده, واصبروا واثبتوا عند الامتحان والابتلاء في الدين، قال الله تعالى: {ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت:1 - 3].