في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: {من صام رمضان ثم أتبعه بستٍ من شوال، كان كصيام الدهر} هذا حديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه، ورواه غيره من رواة الحديث.
عباد الله: إن الناس قد يتحدثون كثيراً عن صيام ستٍ من شوال، فمنهم من يفتي بغير علمٍ -نسأل الله العفو والعافية- والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {من كذب عليَّ متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار} فما بال من يفتي بغير علم؟ منهم من يقول: من صام بعد العيد مباشرةً، فإنه لا يجوز له الصيام، من أين أتوا بهذه الفتوى؟ من أين أتوا بها يا عباد الله؟ من مجالس السمر، من مجالس قضاء الأحاديث المخزية المردية التي تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، أما لو كانت مجالس ذكر وحلق علمٍ لاستفادوا من ذلك، وعلموا أن الصيام بعد العيد مباشرةً -يعني: في اليوم الثاني- من الرغبة في الخير، ومن حب الخير؛ لأن هذا من المبادرة إلى الخير، وكذلك إذا بادر الإنسان في صيام هذه الستة الأيام، فإنها تخف عليه؛ لأنه لا زال في ميدان رمضان وعرف الصيام واعتاد على الصيام، فإنها عند ذلك لا تثقل عليه، وهو كذلك من المبادرة إلى طاعة الله جلًّ وعلا.
الفتوى الثانية: يقولون: إنه من صام ستاً من شوال فإنها تلزمه طول العمر، وهذا كذلك افتراء وكذب، فإن صيام ستٍ من شوال سنة إذا صمتها أثابك الله، وإن تركتها لم يعاقبك الله، فإن تيسر لك فصمها، وإن لم يتيسر فلا تصمْها ولا شيء عليك.
الثالثة: يقولون: لا يجوز تفريدها، إنما تجوز سرداًَ وإلا لا تصام، سبحان الله! الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {ستٍ من شوال} ولم يقل متتالية، قال العلماء رحمهم الله: يجوز أن يصومها متفرقة، وكذلك يجوز صيامها في أول الشهر، أو في وسط الشهر، أو في آخر الشهر، ويجوز صيامها مجتمعة أو متفرقة، ويجوز أن يصومها سنة أو يتركها سنة، فلا شيء عليه، فهذه سنة يا عباد الله! فهذا فضلٌ عظيم كصيام الدهر، لأن صيام رمضان بعشرة أشهر والأيام الستة بشهرين، فتكون كصيام الدهر يا عباد الله! فبادروا إلى هذا الفضل العظيم، واغتنموا أوقات العمر، وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.