أيها المسلمون! هذه نماذج من ثبات المسلمين على دينهم مع شدة الأذى والتعذيب، أضف إلى ذلك ما قدموه في سبيل حماية هذا الدين ونشره، من جهاد بالأنفس والأموال؛ يتساقط منهم مئات الشهداء في المعارك وهم مغتبطون بذلك فخورون، بل تركوا من أجله الديار والأموال، وهاجروا فراراً بدينهم أن يخدش أو يدنس يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله، وما ذلكم إلا لما عرفوا في هذا الدين من الخير والسعادة، وتأصل حبه في قلوبهم حتى صار أحب إليهم من أنفسهم وأولادهم وأموالهم وديارهم، وإليك أنموذجاً شيقاً ظهر من شابٍ من شباب الإسلام الذين جاهدوا في الله حق جهاده، إنه حنظلة غسيل الملائكة رضي الله عنه؛ حيث تزوج بامرأة جميلة، ودخل بها تلك الليلة وجامعها ولم يغتسل من جنابته وإذا بمنادي الجهاد يقول: حي على الجهاد حي على الجهاد، فخرج تاركاً زوجته الجميلة وفراشه الدافئ والتحق بصفوف المسلمين وقتل شهيداً، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عجباً وهو يسأل عن أهل حنظلة، ودل على زوجته، فتعجب الصحابة: لماذا يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلما سأل زوجته: ما شأن حنظلة، قالت: إنه جامعني وخرج قبل أن يغتسل من الجنابة لما سمع منادي الجهاد، قال: لقد رأيت الملائكة تغسله بماء السلسبيل في صحائف من ذهب وفضة بين السماء والأرض.