فأما حضور القلب: فكثيرٌ من المصلين من حين دخوله في الصلاة يبدأ يتجول يمينا وشمالاً في التفكير، ومن العجب أنه كان لا يفكر في هذه الأمور قبل أن يدخل في الصلاة، وأعجب من ذلك أنها أمور لا فائدة منها غالبا، فهي لا تهمه في شئون دينه ولا دنياه، ولكن الشيطان عدو بني آدم، يجلبها إليه ليفسد عليه صلاته، ولهذا تجده يخرج من صلاته وما استنار بها قلبه، ولا قرت بها عينه ولا انشرح بها صدره ولا قوي بها إيمانه، بل كأنه في سجن والعياذ بالله؛ لأنها صارت عبارة عن حركات كحركات الآلة، وإن هذا الداء -الهواجيس والتفكير في الصلاة- لداء مستفحل، ومرض منتشر ليس بين عامة الناس، ولكن بين عامة الناس وخواصهم حتى ذوي العلم والعبادة، إلا من شاء الله تعالى ولكن لكل داء دواء ولله الحمد، فإذا أحس الإنسان بذلك فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم وليستحضر أنه بين يدي الله تعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وليتدبر ما يقول في صلاته من الآيات وما يفعل، فلعل الله أن يذهب عنه ما يجد.