وانظر إلى أحوال بعض الناس إذا جلس في المجلس، يأخذ جريدة، يرفعها نصف ساعة، ثم ينزلها، ثم يرفعها ثانية ثم ينزلها، ثم يرفعها ثالثة، لا يترك الجريدة إلا يوم حين يتناول الغداء أو العشاء مساءً، كأنه ينزل فيها وحي، ينزلها ويرفعها، ينزلها ويرفعها، كأنه يُوحى له فيها، وتجدد عليه المعلومات، وإنما هذا شغلٌ من الشيطان، نسأل الله العافية: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً} [الزخرف:36] نسأل الله العافية.
والله عز وجل يقول: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً} [طه:124] صدق الله {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً} [النساء:122] زورا المستشفيات التي تُسمى النفسية، من يزور هذه المستشفيات النفسية لا يجد إلا ومن أعرض عن ذكر الله وغفل عن طاعة الله عز وجل؛ لأن الله -جل وعلا- لا يخلف الميعاد سبحانه وبحمده، كما سمعتم في الآيات السالفة الذكر: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ} [الرعد:28] لكن الذي يغفل ويعرض عن ذكر الله، ما هي العاقبة؟ {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه:124] يا رب! نسألك العافية، بل يؤول بهم الأمر إلى أن يذهبوا إلى الكهان والسحرة والمنجمين وغيرهم، نسأل الله العفو والعافية، تجدهم يعكفون عند أبوابهم.
أناسٌ جهال سحرة منجمين يأتي ويشتكي إليه، وبدل أن يشتكي الحال إليه، ويلجأ إلى الله عز وجل ويشتغل بطاعة الله وبذكره سبحانه -نسأل الله العافية- ويقوم له فيقول الساحر له: أعطني طاقيتك، أو فنيلتك، ما اسم أمك؟ وما اسم أبيك؟ وما اسم جدك؟ وارجع إليَّ بعد بكرة، لماذا؟! هل ينزل عليك وحي؟ يا خداع! يا مكار! يا دجال! ثم يأتي وقد أرسل القرين، من الشياطين إلى قرين ذلك المريض فيعقدون اجتماع، ثم يأتي إلى هذا الدجال، ويلقي إليه المعلومات، فإذا جاءه المريض قال: أنت فيك كذا وكذا وكذا، يظن أنه يعلم الغيب ثم يُصدقه، فيقع في المحذور الذي حذَّر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من أتى كاهناً فسأله عن شيء لا تقبل له صلاة أربعين يوماً} وفي رواية: {من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم} انظروا يا إخواني إلى الدجاجلة كيف يستمرون بالإنسان حتى يوقعوه في حبائل الشيطان والعياذ بالله؟ والمصيبة العظمى يقول: هل تريد الشفاء تريد العلاج؟! عليك أن تأتي بشاةٍ سوداء، أو عنز سوداء، وتذبحها ولا تذكر اسم الله عز وجل عليها -أسال الله العافية- أول قطرة من دمها تحل عليه اللعنة، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم: {لعن الله من ذبح لغير الله} وإن مات على تلك الحال فهو مخلدٌ في النار؛ لأنه صرف نوعاً من العبادة لغير الله جل وعلا.