يروي -أيضاً- عن مالك بن دينار رحمه الله أحد أقاربه، فيقول: يموت مالك بن دينار وأنا لا أدري ما عمله، فاختبأ يوماً من الأيام ليرى ما هو عمل مالك، فيقول: فجاء مالك رحمه الله فدخل فقرب رغيفاً فأكله، ثم قام إلى الصلاة فاستفتح، ثم أخذ بلحيته، فجعل يقول: يا رب إذا جمعت الأولين والآخرين فحرم شيبة مالك بن دينار على النار، جعل يكرر هذه.
يقول: فو الله ما زال حتى طلع الفجر وهو يردد هذا الدعاء، يا رب إذا جمعت الأولين والآخرين فحرم شيبة مالك بن دينار على النار.
قال الحارث بن سعيد: كنا عند مالك بن دينار وعندنا قارئ يقرأ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ} [الزلزلة:1 - 6] يقول فجعل مالك ينتفض والقوم كلهم يبكون حتى بلغ قول الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة:7 - 8].
قال: فجعل مالك يبكي ويشهق حتى حصل له ما حصل في ذلك المجلس، وكان يقول: عجباً لمن يعلم أن الموت مصيره والقبر مورده، كيف تقر عينه؟! وكيف يطيب بها عيشه؟! حتى يبكي ويشتد بكاؤه! رحمهم الله برحمته الواسعة، هذه بعض أحوال السلف يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم.