أما صفة الموت إذا نزل بالإنسان نسأل الله حسن الختام، اللهم ثبتنا على قولك الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة يا رب العالمين!
يقول الله جل وعلا: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:27] وقبل أن تعرف حال من يموت، أول تذكر حال الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أن نزل به الموت، ما هي أحواله صلى الله عليه وسلم وهو أشرف الخلق وأحب الخلق إلى الله، سيد الأولين والآخرين؟
لما نزل به الموت صلى الله عليه وسلم جعل يمسح وجهه بالماء ويقول: {لا إله إلا الله إن للموت لسكرات} فسكرات الموت ذاقها الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو بذلك يذكرك وكأنه يقول: تذكر يوم يجلسون حولك وأنت تعاني من سكرات الموت، يبكون وينادون بصوتٍ يقطع نياط القلوب، الولد يقول: هل تعرفني يا أبتاه!
والأقارب حوله يقولون: هل تعرفنا يا فلان!
وهو ينظر إليهم وعيناه قد اغرورقت بالدموع، ولكن لا يستطيع الرد عليهم، قد تعذر عليه الكلام يرونه منطرحٌ بين أيديهم، يعالج سكرات الموت، وهم لا يشعرون، ثم لم يلبثوا إلا قليلاً، وإذا بملك الموت قد قبض الروح، ومال الأنف، وانفتح الفم، وشخص البصر قال الله تعالى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق:19] فيا لها من ساعة يتكدر فيها الصفا، ويتنغص فيها العيش إذا نزل هاذم اللذات!
ثم قال رحمه الله:
تنبه قبيل الموت إن كنت تعقل فعما قليلٌ للمقابر تنقلُ
وتمسي رهيناً في القبور وتنثني لدى جدثٍ تحت الثرى تتجندلُ
نسأل الله حسن الختام.