إخواني: لقنوا من حضرتهم الوفاة لا إله إلا الله برفق، فقد ورد في الحديث: {من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة} ثم بعد ذلك تخرج الروح، وبعد الفراغ من التجهيز والحمل على الأكتاف تقول هذه الجنازة إن كانت صالحة: قدموني قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت: يا ويلها أين تذهبون بها؟! يسمع ذلك كل شيء إلا الثقلين الجن والإنس، وقبل أن يوضع في الحفرة يتبعه ماله وأهله وعمله، ثم يرجع أهله وماله، ولا يبق إلا العمل، ثم يوضع في تلك الحفرة وتنصب عليه اللبنات ويحثى عليه التراب.
كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على القبر بكى حتى تبتل لحيته من الدموع رضي الله عنه، الله أكبر! ويقولون: لماذا تبكي يا عثمان؟ فيقول: كيف أتذكر الجنة والنار ولا أبكي!! فالقبر يا إخواني أمره عظيم.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، وإنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ لمحمد صلى الله عليه وسلم فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلى مقعدك إلى النار قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة، فيراهما جميعاً} قال: قتادة رحمه الله: [[وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعاً، ويملأ عليه خَضِراً إلى يوم يبعثون]] ثم رجع إلى الحديث السابق قال في تكملته: {وأما المنافق والكافر، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقوله الناس، فيقال: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد ضربة؛ فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين -يعني الإنس والجن-} وهذا حديث صحيح متفق على صحته.
فهنيئاً لمن أطاع الله ورسوله وقام بما أوجب الله عليه، فإن القبر يكون عليه برداً وسلاما وروضة من رياض الجنة، ويقال له: نم نومة العريس، الذي لا يوقظه إلا أحب الناس إليه، فتصور نفسك يا عبد الله! إذا قدمت إليك هذه البشارة، وأتاك عملك الصالح في صورة شاب حسن الثياب طيب الريح.
تذكر يا عبد الله! ذلك القبر الفسيح، إن كنت ممن أنعم الله عليهم بذلك القبر فجعله عليهم من رياض الجنة.