ذم الذين يركنون إلى الدنيا

وبالعكس من أولئك, أناس جهال عمي البصائر، لم ينظروا في أمر الدنيا، ولم يكشف سوء حالها ومآلها, برزت الدنيا لهم بزينتها, ففتنتهم فإليها أخلدوا، وبها رضوا، ولها اطمأنوا، حتى ألهتم عن الله تعالى، وشغلتهم عن ذكر الله وطاعته, قال تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [الحشر:19].

يقول الشافعي في أبيات له -ولكن نقتصر على بيتين منها- رحمه الله في ذم الدنيا:

وما هي إلا جيفة مستحيلة عليها كلاب همّهنَّ اجتذابها

فإن تجتنبها كنت سِلماً لأهلها وإن تجتذبها نازعتك كلابها

أيها الأحباب: والله تعالى ذم الذين يركنون إلى الدنيا ويطمئنون إليها، فقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يونس:7 - 8] اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا.

أيها الأحباب: والله ما هناك ناصح أنصح من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله جل وعلا بعثه بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً, فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة, فاسمعوا إلى هذا النصح من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول لأحد الصحابة: {كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل} قال ابن عمر رضي الله عنه: [[إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح, وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء, وخذ من صحتك لمرضك, ومن حياتك لموتك]].

فنهاية الدنيا الموت الذي يهجم على الإنسان وبدون إنذار, فالموت -يا إخواني- خطب فادح, نسأل الله حسن الختام إنه على كل شيء قدير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015