وآخر لما مات بحادث وانقلب اسود وجهه وصرف عن القبلة, وهذه الواقعة وقعت في القويعية , ويذكرها لنا أحد الإخوة الثقات وهو من الذين يغسلون الموتى, يقول: والله ما استطعنا أن نغسل صفحة العنق لأن وجهه منصرف عن القبلة, يقول: وسألنا ما حاله؟ قالوا: إنه مات بحادث وهو سكران, فانظروا أيها الأحباب كيف انقلب لونه إلى اسوداد، وصرف وجهه عن القبلة, نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة.
ويقول لنا هذا الرجل: وأوتي بثلاثة وقع عليهم حادث، اثنين كهول -أي: تعدى سنهم الثلاثين- أما الثالث فهو شاب لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره, يقول: فلما أردنا أن نغسل الاثنان وإذا كل واحد منهما يرفع أصبعه يتشهد, يقول: ومات وأصبعه واقف بالتشهد, فغسلناهما, أما هذا الشاب فكلما أردنا أن نفتح درج الثلاجة لنخرج هذا الشاب وإذا هو يزداد نوراً وبياضاً, يقول: فلما رآه أحد إخوانه -وكان يبكي- سر بمنظره الطيب وأصبح يضحك، يقول: فأخرجناه وغسلناه وكلما غسلناه ازداد بياضاً ونوراً، لا إله إلا الله، نسأل الله حسن الختام.
فيا إخواني! حالة المحتضرين أمرها عظيم, ولها شأن عظيم, فما الذي يغفلنا عن هذا؟ يقول بعض القائلين:
الموت في كل حين ينشر الكفنا ونحن في غفلة عما يراد بنا
لا تطمئن إلى الدنيا وبهجتها وإن توشّحت من أثوابها الحسنا
اسمع يا أخي لا تغتر بهذه الخوّانة, لا تطمئن إلى هذه الشمطاء.
لا تطمئن إلى الدنيا وبهجتها وإن توشّحت من أثوابها الحسنا
أين الأحبة والجيران ما فعلوا أين الذين هم كانوا لنا سكنا
سقاهم الموت كأساً غير صافية فصيرتهم لأطباق الثرى رهنا
والموت -يا إخواني- يأتي في لحظة, قبل ثلاثة أسابيع، كان هناك ثلاثة في مكتب يتحدثون, فسقطت المروحة من السقف وضربت أحدهم فقطعت وريده، سبحان الله العظيم! وكأنها تذبحه بسكين, ومات بأقرب وقت, والثاني ضربته في يده ولكن الله سبحانه وتعالى كتب ألا يدنو أجله, أما الأول كأنها مرسلة إليه وضربته فمات مباشرة, سبحان الله العظيم! انظروا يا إخواني قرب الموت, نسأل الله حسن الختام.
أين الأحبة والجيران ما فعلوا أين الذين هم كانوا لنا سكنا