أيتها الأخوات في الله: إن مما اتبلي به كثير من الناس في هذه الأزمان المتأخرة، هذا السهر الطويل المفرط، والسهر يضيِّع ويفوِّت خيرات كثيرة مع الأسف الشديد، فإذا سهر الإنسان فاتت عليه أوقات الفضائل، وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان أن يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن في الليل ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله إلا أعطاه الله من خير الدنيا والآخرة، فإذا فوتنا هذه الأوقات في القيل والقال والأمور التي لا يرضاها الله عز وجل فقد فوتنا على أنفسنا خيرات كثيرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: {إن أن الله جل وعلا ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا إذا بقي ثلث الليل الأخير فيقول: هل من سائل فأعطيه هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟}.
أختي في الله: هل لك حظ من قيام الليل؛ لتدركين هذا الفضل العظيم، حتى تكوني من الذين مدحهم الله بقوله: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:17 - 18]؟ هل لك حظ من قيام الليل؛ لتحوزي على الفضل العظيم الذي أخبر الله به في الحديث القدسي حيث قال: {أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم يقول صلى الله عليه وسلم: اقرءوا إن شئتم {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة:17]} وماذا كانوا يعملون؟ يا أمة الله! ارجعي إلى أول الآية وإذا ربنا يقول: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة:16] فاحذري -يا أمة الله- من هذا السهر المفرط، وتوبي إلى الله عز وجل، واهتدي بهدي محمد صلى الله عليه وسلم، واجعلي لك نصيباً من الليل، قومي آخر الليل، وصلي في تلك الساعة المباركة ليحصل لك الفضل العظيم.