ثم أقول لكم في نهاية الكلام: أبشروا يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فإن الله قد فتح بابه للسائلين، فمن تاب تاب الله عليه، بشرط قبل أن يقع أمران:
الأمر الأول: أمر خاص: وهو بلوغ الروح الحلقوم:
فإذا بلغت الروح الحلقوم عند ذلك لا تُقبل التوبة، كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم: {إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر} إذا غرغر وبلغت الروح الحلقوم، وانطرح على فراش الموت، عند ذلك ما تنفعه التوبة؛ لأن الله عزَّ وجلَّ أخبر عنه في محكم البيان، فقال جل وعلا: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون:99] لماذا يطلب الرجعة؟ حتى يتزود من الدكاكين، حتى يتزود من البضاعة، كل هذا سوف يذهب ويتركه؛ لكن ليتزود من العمل الصالح، لكن مدة إقامتك في الدنيا يا عبد الله قد انتهت أيها المفرط، أيها العاصي، فعند ذلك يحصل الندم والتحسر والتأسف: {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون:99 - 100] فيسمع الرد الإلهي: {كَلَّا} لن تُجاب إلى هذا المطلب، انتهت مدتك في هذه الحياة الدنيا، الآن حان انتقالك إلى البرزخ، إلى بيت الدود، إلى بيت الوحشة، إلى بيت الوحدة، الذي سوف تجد أمامك فيه العمل {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:99 - 100].
وما يدرينا متى يأتينا الموت؟! فبعض الناس يفتح عليه الشيطان باب التسويف، يقول: سوف تتوب فيما بعد إذا بلغت الذروة في التجارة، أو في العمر، أو في كذا وكذا، فيمكنك أن تتوب، وما يدريك -أخي في الله- متى ينزل بك هادم اللذات؟
فكم والله من إنسان أصبح مُعافىً سليماً، وفي لحظة من اللحظات يُقال: فلان مات، وكم من إنسان بات مُعافىً سليماً، ويقال: فلانٌ أصبح ميتاً.
فيا إخواني في الله، بادروا بالتوبة قبل نزول الموت.