الحمد لله والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فالمؤلف جزاه الله خيراً لم يألو جهداً في أن يوسع هذا الكتاب من المواعظ التي فيها خيرٌ كثير إن شاء الله لمن وفقه الله عز وجلَّ، لقد قرأنا قي الليلة الماضية قصدية فيها موعظة، وقد طلب بعض الإخوان إعادتها نسأل الله بمنِّه وكرمه أن يرزقنا التوفيق والسداد، وأن يهدينا إلى سواء السبيل، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه على كل شيءٍ قدير.
روى أبو الدرداء رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {تفرغوا من الدنيا، فإنه من كانت الدنيا أكبر همه، فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه، ومن كانت الآخرة أكبر همه، جمع الله له أموره، وجعل غناه في قلبه، وما أقبل عبد بقلبه إلى الله عز وجل إلا جعل الله قلوب المؤمنين تَفدُ إليه بالمودة والرحمة، وكان الله عز وجل إليه بكل خير أسرع}.
ولما دخل أبو الدرداء الشام، قال: يا أهل الشام! اسمعوا قول أخٍ ناصح، فاجتمعوا إليه، فقال: [[ما لي أراكم تبنون ما لا تسكنون! وتجمعون ما لا تأكلون! وتؤملون ما لا تدركون! إن الذين كانوا قبلكم بنوا مشيداً، وأملوا بعيداً، وجمعوا عتيداً، فأصبح أملهم غروراً، ومساكنهم قبوراً]].