الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشأنه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فيا عباد الله: اتقوا الله حق التقوى، واحرصوا على الحلال الطيب، وجانبوا الحرام وابتعدوا عنه، واسمعوا إلى الناصح الأمين، وهو يقول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه لنا النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فلسد الجسد كله، ألا وهي القلب}.
ومع الأسف الشديد أن الكثير من الناس استسلموا لشهواتهم، فقادتهم إلى مسالك خطرة، وسبل ملتوية مظلمة، ومن أخطر هذه الشهوات: حب الدنيا وإيثارها على الآخرة، والاندفاع وراءها في كل طريق، والتعلق بالشبه الواهية لتحصيل المال من أي وجه، ولقد تعددت في زماننا هذا أبواب المال الحرام وكثرت، ووقع فيها الكثير، فأهلكوا بذلك أنفسهم وأهليهم، ومن المصادر الخبيثة المحرمة: أكل الربا والتعامل به، والغش، والخداع، والكذب، والخيانة، والرشوة، والتزوير، ويبع آلات اللهو بجميع أنواعها، وبيع الدخان الذي يباع مع الأطعمة في محلات التموينات مع الأسف الشديد، ولكن المنخدع بهواه، الذي غش نفسه، إذا قيل له في الدخان، قال: أعطونا الدليل، وكم ذكرت له الأدلة في ذلك؛ فبيع الدخان حرام، وشرب الدخان حرام، وهو لا يقل عن ثمن المسكرات.
كذلك ثمن تصوير ذوات الأرواح، وثمن الصور ذوات الأرواح محرم يا عباد الله! فاكتسبوا الحلال من طرقه واجتنبوا الحرام.
اللهم يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام، اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك.
يا عباد الله: إذا أكل الإنسان الحلال، وشرب الحلال، ولبس الحلال، وتغذى بالحلال، ورفع يديه إلى رب العزة والجلال، يقول: يا رب! يا رب! يقول الرب جل وعلا: لبيك وسعديك، يسأله فيعطيه، ويتصدق فيقبل منه، ويصلح له النية والذرية، أما إذا كان المأكل من الحرام، والمشرب من الحرام، والملبس من الحرام، والغذاء حرام، فأنى يستجاب لذلك.
اللهم أصلح أحوالنا وأعمالنا وأقوالنا واجعلنا هداة مهتدين.
عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على من بعثه الله بشيراً ونذيراً، أكثروا من الصلاة والسلام على من أمركم الله أن تصلوا عليه في محكم البيان فقال قولاً كريماً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [الأحزاب:56] ويقول صلى الله عليه وسلم: {من صلى علي صلاة صلَّ الله عليه بها عشراً}.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أصحابه أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم اشدد وطأتك على أعداء الإسلام وأعداء المسلمين، اللهم أحصهم عدداً، اللهم اقتلهم بدداً، اللهم لا تبق منهم أحداً، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام!
اللهم يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما تريد، نسألك بعزتك التي لا ترام، وبقوتك التي لا تضام، يا حي يا قيوم، من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره، اللهم خذه أخذ عزيز مقتدر، فإنهم لا يعجزونك يا رب العالمين.
اللهم أصلحنا وأصلح أئمتنا وولاة أمرنا، واجعلنا وإياهم هداة مهتدين.
اللهم أصلح نياتنا وذرياتنا، واغفر لآبائنا وأمهاتنا، واجمعنا وإياهم في جنات الفردوس الأعلى يا رب العالمين.
عباد اللهّ! يا أهل المجوهرات! يا أهل الذهب! اسمعوا يا من تبيعون الذهب بالدين؛ فإنه حرام ولا يجوز، فلا يجوز بيع الذهب إلا يداً بيد، وتقابض في المجلس، فمن أدان صاحبه أو صديقه فذلك رباً لا يجوز، وهذه المعاملات تدور عند كثير من الذين يبيعون الذهب إذا أتاه صديقه أو قريبه قال: خذ من الذهب ومتى ما يسر الله عليك أعطنا القيمة، فهذا حرام ولا يجوز، فاحذروا من هذا، يا من تبيعون الذهب!
أسأل الله أن يجعلنا ممن يأكل الحلال، ويشرب الحلال، ويتغذى بالحلال، إنه على كل شيء قدير.
عباد الله! إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ؛ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على وافر نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.