عباد الله: ألا وإن من الفتن الكبيرة العظيمة: فتنة المال، وقلَّ من يسلم منها، قلَّ من يأخذ المال من وجهه ويصرفه في وجهه المشروع، فكان عند الكثير من الناس الحلال ما حل في يده بأي طريق كان، والمصروف منه ما صرفه في هواه ولو في الحرام، نستجير بالله من مضلات الفتن.
قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى: {ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن الحلال أم من الحرام} رواه البخاري.
ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن الكثير من الناس لا يبالون بالمال من أي وجه اكتسبوه، وكأنما خلقوا للمال وللدنيا، ولا حساب عليهم في ذلك ولا عقاب، يكسبون المال بالغش وبالكذب وبالرشوة وبالربا صريحاً أو خداعاً أو حيلة، ويكتسبون المال بالدعاوى الباطلة، وما أكثرها، ولا حول ولا قوة إلا بالله! بالمحاماة وبغيرها، فيدَّعون ما ليس لهم، ويجحدون ما كان عليهم، ولا يؤدون أعمالهم الوظيفية، ويأخذون المرتبات كاملة من غير نقص، كل هذه الطرق التي دخل معها المال فإنه حرام لا خير فيه، وعاقبته العذاب والنكال: {وأيما جسم نبت من السحت فالنار أولى به}.