ولله الحمد والمنة، لم تمض فترة قصيرة على المسلمين في المدينة إلا وقدم انتظم عقدهم وقامت دولتهم، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم يجني الثمار وهو يرى الدعوة تتحرك وتنتقل إلى كل مكانٍ، ثم تتحرك بكل يسر وسهولة، وقد وجد المؤمنون متنفساً لهم، وحرية لدعوتهم وحصانة لأنفسهم، وانطبق فيهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: {مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر} الله أكبر، اللهم ردنا إليك رداً جميلاً.
هكذا اجتمعت كلمة المسلمين في ذلك الوقت، واتحدت صفوفهم وصاروا صفاً واحدا، خاضوا غمار المعارك في بدر وأحد، والخندق، ومع اليهود قاتلهم الله وقطع دابرهم، ومع غيرهم من المشركين كل ذلك بقيادة القائد الشجاع محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.